{إن كانت إلا صيحة واحدة}، قيل: النفخة {فإذا هم جميع لدينا محضرون} أي في موضع الجزاء والحساب {فاليوم لا تظلم نفس شيئاً} أي لا يبخس أحد حقه {ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون} أي يجزى كل أحد بعمله {إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون} كناية عن افتضاض الأبكار، وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: "أهل الجنة كلما جامعوا نساءهم عدن أبكاراً" ، وقيل: هم في شغل التناول كل لذة من المنزل والفرش والخدم والجواري والغلمان والفاكهة وغير ذلك، وقوله: {فاكهون} فرحون، وقيل: عجبون {هم وأزواجهم} نساؤهم في الدنيا، وقيل: في الآخرة من المسلمات، وقيل: الحور العين {في ظلال} جمع ظل {على الأرائك} جمع أريكة وهي السرر {متكئون} يعني جلستهم جلسة الملوك {لهم فيها فاكهة ولهم ما يدّعون} ما يشاؤون، وقيل: إذا دعوا شيئاً من نعيم الجنة أتاهم {سلامٌ قولاً من رب رحيم} وهو السلامة والأمن من ربهم {وامتازوا اليوم أيها المجرمون} أي يقال لهم للمجرمين امتازوا {ألم أعهد إليكم} اليوم، يعني ألم آمركم على ألْسِنَة الرسل في الكتب المنزلة؟ قال جار الله: العهد الوصية، وعهد الله اليهم ما ركزه فيهم من أدلة العقل وأنزل عليهم من دلائل السمع {أن لا تعبدوا الشيطان} وعبادة الشيطان طاعته فيما يوسوس به اليهم {وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم} أي طريق مستوي أي تؤديكم إلى الجنة {ولقد أضل منكم جبلاً كثيراً}، قيل: خلقاً كثيراً {أفلم تكونوا تعقلون} أي هلا استعملتم عقولكم؟ {هذه جهنم التي كنتم توعدون} {اصلوها اليوم بما كنتم تكفرون} أي جزاء على كفركم {اليوم نختم على أفواههم} بمعنى نمنعهم من الكلام {وتكلّمنا أيديهم} بما عملوا {وتشهد أرجلهم} بما كسبوا {ولو نشاء لطمسنا على أعينهم} أي محونا على أعينهم فأعميناهم قيل: أعميناهم عن الهدى، وقيل: عمياً يرددون {فاستبقوا الصراط} أي طلبوا الطريق إلى مقاصدهم فلم يهتدوا، وقيل: طلبوا طريق الحق وقد عموا منه {فأنى يبصرون} أي فكيف يبصرون {ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم} أي لو نشاء لعذبناهم بأن أقعدناهم في منازلهم ممسوخين قردةً وخنازير، والمكانة والمكان واحد كالمقامة والمقام، وقيل: حجارة، وقيل: لو نشاء لجعلناهم مبعدين {فما استطاعوا مضياً ولا يرجعون} المضي التقدم، والرجوع التأخير، وقيل: لا يستطيعون الرجوع إلى ما كانوا فيه وعليه.