التفاسير

< >
عرض

قَالَ هَلْ أَنتُمْ مُّطَّلِعُونَ
٥٤
فَٱطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَآءِ ٱلْجَحِيمِ
٥٥
قَالَ تَٱللَّهِ إِن كِدتَّ لَتُرْدِينِ
٥٦
وَلَوْلاَ نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنَ ٱلْمُحْضَرِينَ
٥٧
أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ
٥٨
إِلاَّ مَوْتَتَنَا ٱلأُولَىٰ وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ
٥٩
إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ
٦٠
لِمِثْلِ هَـٰذَا فَلْيَعْمَلِ ٱلْعَامِلُونَ
٦١
أَذَلِكَ خَيْرٌ نُّزُلاً أَمْ شَجَرَةُ ٱلزَّقُّومِ
٦٢
إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِّلظَّالِمِينَ
٦٣
إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِيۤ أَصْلِ ٱلْجَحِيمِ
٦٤
طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ ٱلشَّيَاطِينِ
٦٥
فَإِنَّهُمْ لآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا ٱلْبُطُونَ
٦٦
ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ
٦٧
ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لإِلَى ٱلْجَحِيمِ
٦٨
إِنَّهُمْ أَلْفَوْاْ آبَآءَهُمْ ضَآلِّينَ
٦٩
فَهُمْ عَلَىٰ آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ
٧٠
وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ ٱلأَوَّلِينَ
٧١
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مُّنذِرِينَ
٧٢
فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُنذَرِينَ
٧٣
إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ
٧٤
-الصافات

تفسير الأعقم

قال هذا المؤمن: { هل أنتم مطلعون } إلى النار لأريكم ذلك القرين { فاطلع } هذا المؤمن فرأى قرينه { في سواء الجحيم } في وسط النار، وقيل: القائل الله عز وجل، وقيل: بعض الملائكة تقول لأهل الجنة: هل تحبون أن تطلعون؟ { قال تالله إن كدت لتردين } { ولولا نعمة ربي } أي ما أنعم به علي من اللطف والهداية { لكنت من المحضرين } في النار كما حضرت في النار ثم زاد في التوبيخ فقال: { أفما نحن بميتين } { إلاّ موتتنا الأولى } في الدنيا { إن هذا لهو الفوز العظيم } { لمثل هذا فليعمل العاملون } يعني مثل هذا الثواب والفوز { أذلك خير نزلاً أم شجرة الزقوم }، قيل: لما نزلت هذه الآية قالت صناديد قريش: كيف يكون في النار شجر والنار تحرق الشجر؟ وقال ابن الزبعرى: قال لهم: أن محمداً يخوفنا بالزقوم، فأدخلهم أبو جهل بيته وقال: يا جارية زقمينا، فأتاهم بالزبد والتمر فقال: تزقموا فهذا ما وعدكم محمد، أذلك خير يعني هذا الذي ذكرناه أم نعيم الجنة { أم شجرة الزقوم } في النار { إنا جعلناها فتنة للظالمين } أي تلك الشجرة محنة وعذاباً لهم في الآخرة، وروي نابتة لهم { في أصل الجحيم } { طلعها } أي ثمرها { كأنه رؤوس الشياطين } وروي أنه شبّه برأس حيَّة تسمى شيطانا عند العرب كريهة المنظر، قال الحسن: أصلها في قعر الجحيم وأغصانها في الدركات، والطلع النخلة فاستعير لما طلع من شجرة الزقوم، وشبّه برأس الشياطين دلالة على تناهيه في الكراهة وقبح المنظر لأن الشيطان مكروه ومستقبح في طباع الناس، لاعتقادهم أنه شر فيقولون في القبيح الصورة كأنه وجه شيطان، كأنه رأس شيطان، وقيل: أنه شبّه بنبت يعرف برؤوس الشياطين وهي شجرة قبيحة { فإنهم لآكلون منها فمالئون منها البطون } لما يغلبهم من الجوع الشديد، أو يقسرون على أكلها وان كرهوا ليكون باباً من العذاب، فإذا عطشوا غلبهم العطش فيسقون شراباً من غساق { ثم إن لهم عليها لشوباً من حميم } خلطاً ومزاجاً، والشوب خلط الشيء بما ليس منه وهو شر منه يشربه، وقيل: شراب من حميم أي من ماء حار { ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم }، قيل: يكونون بمعزل من النار عند شراب الزقوم فيعذبون ثم يصيرون إلى النار { إنهم ألفوا آباءهم ضالين } أي وجدوا آباءهم ضالين عن الحق { فهم على آثارهم يهرعون } أي آثار آبائهم إلى النار، وقيل: قد رأوا آباءهم في الشرك وأسرعوا فيه تقليداً { ولقد ضلّ قبلهم } قبل قريش { أكثر الأولين } { ولقد أرسلنا فيهم منذرين } أنبياء حذروهم العواقب { فانظر كيف كان عاقبة المنذرين } الذين أنذروا وحذروا أي أهلكوا جميعاً { إلاَّ عباد الله المخلصين } الذين آمنوا وأخلصوا دينهم لله.