التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ ٱلْمُجِيبُونَ
٧٥
وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ ٱلْكَرْبِ ٱلْعَظِيمِ
٧٦
وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ ٱلْبَاقِينَ
٧٧
وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي ٱلآخِرِينَ
٧٨
سَلاَمٌ عَلَىٰ نُوحٍ فِي ٱلْعَالَمِينَ
٧٩
إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ
٨٠
إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُؤْمِنِينَ
٨١
ثُمَّ أَغْرَقْنَا ٱلآخَرِينَ
٨٢
وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإِبْرَاهِيمَ
٨٣
إِذْ جَآءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ
٨٤
إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ
٨٥
أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ ٱللَّهِ تُرِيدُونَ
٨٦
فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ
٨٧
فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي ٱلنُّجُومِ
٨٨
فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ
٨٩
فَتَوَلَّوْاْ عَنْهُ مُدْبِرِينَ
٩٠
فَرَاغَ إِلَىٰ آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلا تَأْكُلُونَ
٩١
مَا لَكُمْ لاَ تَنطِقُونَ
٩٢
فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِٱلْيَمِينِ
٩٣
فَأَقْبَلُوۤاْ إِلَيْهِ يَزِفُّونَ
٩٤
قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ
٩٥
وَٱللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ
٩٦
قَالُواْ ٱبْنُواْ لَهُ بُنْيَاناً فَأَلْقُوهُ فِي ٱلْجَحِيمِ
٩٧
-الصافات

تفسير الأعقم

{ ولقد نادانا نوح } يعني لما آيس من إيمان قومه دعى الله { فلنعم المجيبون } يعني أنه أسرع بالإِجابة { ونجيناه وأهله } وهم المؤمنون { من الكرب العظيم }، قيل: من أذى قومه، وقيل: هو الغرق { وجعلنا ذريته هم الباقين } بعد الغرق { وتركنا عليه في الآخرين } من الأمم هذه الكلمة وهي: { سلام على نوح في العالمين } { إنَّا كذلك نجزي المحسنين } نكافئهم بإحسانهم { إنه من عبادنا المؤمنين } { ثم أغرقنا الآخرين } يعني كفار قومه { وإن من شيعته لإِبراهيم } أي على منهاج نوح وهو ممن شايعه على أصول الدين وإن اختلفت شرائعهما، ويجوز أن بين شريعتهما اتفاق في أكثر الأشياء، وعن ابن عباس: من أهل دينه وسنته، وما كان بين نوح وإبراهيم إلاَّ نبيان هود وصالح (عليهم السلام) وكان بين نوح وإبراهيم ألفان وستمائة وأربعون سنة { إذ جاء ربه بقلب سليم } من جميع آفات القلوب، وقيل: من الشرك، ولا معنى للتخصيص لأنه مطلق { إذ قال لأبيه وقومه ماذا تعبدون } فأراد به التوبيخ لعلمه بأنهم يعبدون الأصنام { أئفكاً آلهة دون الله تريدون } { فما ظنكم برب العالمين } يعني فما ظنكم بمن هو الحقيق بالعبادة؟ لأن من كان رباً للعالمين استحق عليكم أن تعبدوه حتى تركتم عبادته إلى عبادة الأصنام، أو فما ظنكم به أي شيء هو من الأشياء حتى جعلتم الأصنام له أنداداً، فما ظنكم بذلك؟ { فنظر نظرة في النجوم } في علم النجوم، أو في كتابها، أو في أحكامها { فقال إني سقيم } أي مشارف للسقم وهو الطاعون، وكان أغلب الأسقام عليهم، وقيل: سقيم بما أرى من أحوالكم القبيحة، في عبادة غير الله، وقيل: مات رجل فالتفت عليه الناس فقالوا: مات وهو صحيح، فقال الاعرابي: أصحيح من الموت في عنقه؟ وروي عن ابن عباس وجماعة أنه كان لهم عيدٌ وكانوا يقربون للأصنام قبل الخروج وإذا رجعوا أكلوه فدعوه ليأكل معهم { فقال إني سقيم } فتركوه { فتولوا عنه مدبرين } معرضين مولين { فراغ إلى آلهتهم } أي مال على رغمهم، قيل: كانت اثنين وسبعين صنماً أكثرهم من ذهب { فقال ألا تأكلون } { ما لكم لا تنطقون } استهزاء بها وبانحطاطها عن حال عبدتها { فراغ عليهم ضرباً باليمين } ضرباً قوياً شديداً، وقيل: بسبب الحلف وهو قوله: { { وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين } [الأنبياء: 57] { فأقبلوا إليه يزفون } يسرعون من عيدهم إلى ابراهيم، وقيل: إلى بيت الأصنام بعد الفراغ من عيدهم وقالوا: أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم؟ فأجابهم، و{ قال أتعبدون ما تنحتون } يعني كيف ترضون لأنفسكم أن تنحتون صنماً من خشب تعبدونه { والله خلقكم وما تعملون } يعني خلقكم وما تعملون من الأصنام، ولم يرد الأعمال، لأن المعبود هي الأصنام دون عملهم، ولأنه احتج عليهم، والعجب من المجبرة كيف هم يحرفون، { قالوا ابنوا له بنيانا فألقوه في الجحيم } النار الشديدة الوقود، وقيل: كل نار على نار وجمر فوق جمر فهو جحيم، وذلك أن القوم لما عجزوا عن الحجة عدلوا إلى الوعيد تلبيساً على العوام.