التفاسير

< >
عرض

أَن تَقُولَ نَفْسٌ يٰحَسْرَتَا عَلَىٰ مَا فَرَّطَتُ فِي جَنبِ ٱللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ ٱلسَّاخِرِينَ
٥٦
أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ ٱللَّهَ هَدَانِي لَكُـنتُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ
٥٧
أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى ٱلْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَـرَّةً فَأَكُونَ مِنَ ٱلْمُحْسِنِينَ
٥٨
بَلَىٰ قَدْ جَآءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَٱسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ
٥٩
وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ تَرَى ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى ٱللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ
٦٠
وَيُنَجِّي ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ بِمَفَازَتِهِمْ لاَ يَمَسُّهُمُ ٱلسُّوۤءُ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ
٦١
ٱللَّهُ خَالِقُ كُـلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ
٦٢
لَّهُ مَقَالِيدُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِـآيَاتِ ٱللَّهِ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ
٦٣
قُلْ أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ تَأْمُرُونِّيۤ أَعْبُدُ أَيُّهَا ٱلْجَاهِلُونَ
٦٤
وَلَقَدْ أُوْحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ
٦٥
بَلِ ٱللَّهَ فَٱعْبُدْ وَكُن مِّنَ ٱلشَّاكِرِينَ
٦٦
-الزمر

تفسير الأعقم

{ أن تقول نفس } كراهة أن تقول نفس { يا حسرتا على ما فرّطت } قصّرت في طاعة الله { وإن كنت لمن الساخرين } لمن المستهزئين بالنبي وبالكتاب، وقيل: لمن الساخرين لمن يدعوني إلى الايمان، وروي في الحاكم: عن الحسن: أن هذه الآية نزلت في المجبرة، وروي أن الشيطان يقال له: لِمَ لمْ تسجد لآدم وعصيت الله؟ فقال كان ذلك بقضاء الله وقدره، فيقال له: كذبت، فيقول: لي على ذلك شهود، فينادي أين شهود الشيطان وخصماء الرحمان؟ فتقوم طائفة من هذه الأمة يشهدون بذلك، فيخرج من أفواههم دخان أسود وتسوّد وجوههم، ويدل عليه أنه ورد عقيب قوله: { لو أن الله هداني لكنت من المتقين } وهذا مذهب المجبرة، وقيل: الآية عامة في المجبرة والمشبهة وكل من يكذب على الله، وروي أنه كان في بني اسرائيل عالم ترك علمه وفسق، أتاه ابليس فقال: تمتع من الدنيا ثم تب فأطاعه، وكان له مال فأنفقه في الفجور فأتاه ملك الموت في الذّ ما كان فقال: { يا حسرتا على ما فرَّطت في جنب الله } ذهب عمري في طاعة الشيطان وسخط الله فندم حين لم ينفعه الندم فأنزل الله خبره في القرآن { أو تقول لو أن الله هداني } لا يخلو إما أن يريد به الهداية بالالجاء أو بالإِلطاف أو بالوحي، فالإِلجاء خارج من الحكمة ولم يكن من أهل اللطف، وأما الوحي فقد كان ولكنه أعرض عنه ولم يتبعه، وإنما يقول هذا محيراً في أمره { أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة } أي رجعة في الدنيا { فأكون من المحسنين }، وقوله: { بلى قد جاءتك آياتي } رد من الله عليه، معناه بلى قد هديت بالوحي فكذبت به { واستكبرت } في قولك وآثرت الكفر على الإِيمان والضلالة على الهدى { وكنت من الكافرين } { ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله } بإضافة الولد اليه والتشبيه بخلقه { وجوههم مسودة أليس في جهنم مثوىً } مقام { للمتكبرين } { وينجي الله الذين اتقوا } أي خلص من يتقي معاصيه { بمفازتهم } من العذاب، قيل: بأعمالهم الحسنة { لا يمسّهم السوء } أي لا يصيبهم مكروه { ولا هم يحزنون } { الله خالق كل شيء } يعني محدثه ومبتدعه على حسب إرادتي، { وهو على كل شيء وكيل } أي حافظ { له مقاليد السماوات والأرض } أي هو مالك أمرهما وحافظهما وهو باب من الكناية لأن حافظ الخزائن ومدبر أمرهما هو الذي يملك مقاليدها، ومنه قوله في فلان: ألقيت اليه مقاليد الملك وهي المفتاح، وقيل: الخزائن، وقيل: مفاتيح وهي عبارة عن النعم لأنها تكون مخزونة ولها مفاتيح { والذين كفروا بآيات الله أولئك هم الخاسرون } خسروا أنفسهم بأن فوتوها الجنة { قل } لهؤلاء الكفار { أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون } نزلت الآية في المشركين دعوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى دين الآباء، يعني تدعونني إلى من لا يستحق العبادة وهي الأصنام { ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك } من الأنبياء، وقيل: من الأمم على لسان الأنبياء { لئن أشركت ليحبطن عملك }، قيل: ذكر النبي والمراد غيره، وقيل: أراد المبالغة والزجر عن الشرك { ولتكونن من الخاسرين } من جملة الخاسرين الذين خسروا أنفسهم { بل الله فاعبد } لأنه يستحق العبادة { وكن من الشاكرين } النعمة دنيا وديناً.