{وما قدروا الله حق قدره} أي ما عظموه حق تعظيمه ولا عرفوه حق معرفته إذ وصفوه بما لا يجوز عليه وعبدوا معه غيره {والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة} يعني الأرض مقدورة فيتصرف كيف يشاء كالذي يقبض عليه القابض، وقيل: خص يوم القيامة لأنه المالك خاصة وقد يملك في الدنيا غيره {والسماوات مطويّات بيمينه} مجموعات مطويات مع كبرها يعني بيمينه قيل: بقدرته {ونفخ في الصور}، قيل: هو بأن ينفخ فيه اسرافيل نفختان نفخةٌ يغشى عليهم ثم يموتون ويفني الله الأجسام ثم يحييهم {فصعق من في السماوات ومن في الأرض}، قيل: مات، وقيل: غشي عليه، ثم يموتون بعد ذلك {إلا من شاء الله} فإنه لا يموت حتى يميته، واختلفوا في الاستثناء قيل: صاحب الصور وجبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت، وقيل: هم الشهداء، وقيل: حملة العرش {ثم نفخ فيه أخرى} يعني نفخ في الصور نفخة أخرى {فإذا هم قيام} الخلق {ينظرون} من قبورهم إلى ما يروا أما المؤمن إلى النعم والمسار والعاصي إلى أنواع المضار {وأشرقت الأرض بنور ربّها} قال جار الله: قد استعار الله النور للخلق والقرآن والبرهان في مواضع من التنزيل، وهذا من ذلك، والمعنى {وأشرقت الأرض} بما يقيمه فيها من الحق والعدل فلا يبقى هناك ظلم، وقيل: أضاءت بنور يخلقه الله لا يكون بنور شمس ولا قمر، وأضاف النور إليه لأنه خلقه، وقيل: المراد كثرة رحمته كما يقال: فلان نور هذه البلدة إذا كان منافع أهلها ومحاسنهم {ووضع الكتاب} يعني صحائف الأعمال كتبها الحفظة، وقيل: اللوح المحفوظ {وجيء بالنبيين والشهداء} الذين يشهدون للأمم وعليهم من الحفظة والأخيار، وقيل: المستشهدون في سبيل الله {وقضي بينهم بالحق} بالثواب للمؤمنين والعقاب للكافرين والانتصار للمظلوم من الظالم {وهم لا يُظلمون} {ووفيت كل نفسٍ} تمام حقها {وهو أعلم بما يفعلون} الحفظة والشهود وإنما أحضر الشهود ليظهر لأهل الجمع أحوالهم ويزداد سرور المؤمنين وحسرة الكافرين والأخبار عنه لطف للمكلفين، ثم بيَّن تعالى جزاء الفريقين فقد فصل القضاء فقال سبحانه: {وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمراً} يساقون سوقاً عنيفاً ويسحبون على وجوههم في النار زمراً قيل: جماعات {حتى إذا جاؤوها فتحت أبوابها} ليدخلوها {وقال لهم خزنتها} على سبيل التوبيخ {ألم يأتكم رسل منكم} هو استفهام، والمراد التقرير، أي قد أتاكم رسل منكم {يتلون عليكم آيات ربكم} حججه ودليله على توحيده وعدله وسائر أحكامه وشرائعه {وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى} قد جاءنا الرسل {ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين} أي آيات الوعيد على من كفر بالله ونحن كفرنا فحق وعده علينا، فيقول لهم الخزنة: {ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها} متفرقين على قدر الاستحقاق، قال الحسن: سبعة أبواب لسبعة أصناف، وقد قدمنا ما قالوا فيه {فبئس مثوى المتكبرين} يعني الذين تكبروا عن قبول الحق.