التفاسير

< >
عرض

خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ يُكَوِّرُ ٱللَّيْـلَ عَلَى ٱلنَّهَـارِ وَيُكَوِّرُ ٱلنَّـهَارَ عَلَى ٱللَّيْلِ وَسَخَّـرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُـلٌّ يَجْرِي لأَجَـلٍ مُّسَـمًّى أَلا هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْغَفَّارُ
٥
خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُـمْ خَلْقاً مِّن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاَثٍ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ ٱلْمُلْكُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ
٦
إِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلاَ يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ ٱلْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُواْ يَرْضَهُ لَكُمْ وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ مَّرْجِعُكُـمْ فَيُنَبِّئُكُـمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ
٧
وَإِذَا مَسَّ ٱلإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُوۤ إِلَيْهِ مِن قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَاداً لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ ٱلنَّارِ
٨
-الزمر

تفسير الأعقم

{ خلق السماوات والأرض بالحق } يعني إقامة الحق وعبادة الله والدلالة على وحدانيته { يكور الليل } التكوير اللف، وقد يقال: كان العمامة على رأسه وكورها، وقيل: يدخل أحدهما في الآخر بالزيادة والنقصان، أو يأتي أحدهما خلف الآخر { وسخّر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى } قيل: هو قيام الساعة، وقيل: هو المطلع والمغرب لكل واحد منهما وقت معلوم في الشتاء والصيف { ألا هو العزيز الغفار } مع قدرته على أخذكم لا يؤاخذكم ويغفر لكم إن تبتم { خلقكم } يا بني آدم { من نفس واحدة } وهو آدم لأنه أب البشر { ثم جعل منها زوجها } خلقها من ضلع من أضلاعه، وقيل: من بقية طينته { وأنزل لكم من الأنعام }، قيل: خلقها في الجنة ثم أنزلها { ثمانية أزواج } ذكراً وأنثى من الابل والبقر والضأن والمعز، والزوج اسم لواحد معه آخر قال تعالى: { { فجعل منه الزوجين } [القيامة: 39]، وقيل: أعطاكم الأنعام بأن خلقها لكم، والإِعطاء بلفظ الإِنزال { يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقاً من بعد خلق } حيواناً سويَّاً من بعد عظاماً مكسوة لحماً من بعد عظام عارية، من بعد مضغ من بعد علق من بعد نطف { في ظلمات ثلاث } البطن والرحم والمشيَّة، وقيل: الصلب والرحم والبطن { ذلكم الله } الذي هذه أفعاله هو الله { ربكم } { لا إله إلاَّ هو فأنَّى تصرفون } فكيف يعدل بكم عن عبادته إلى عبادة غيره { إن تكفروا فإن الله غني عنكم } وعن إيمانكم وإنكم المحتاجون إليه { ولا يرضى لعباده الكفر } رحمة لهم لأنه لا يوقعهم في الهلكة { وإن تشكروا يرضه لكم } أي يرضى لكم الشكر لأنه فلاحكم { ولا تزر وازرة وزر أخرى } أي لا يؤاخذ أحد بذنب آخر { ثم إلى ربكم مرجعكم } مصيركم { فينبئكم } يخبركم { بما كنتم تعملون } { انه عليم بذات الصدور } ثم بيَّن تعالى حال العصاة فقال سبحانه: { وإذا مسَّ الإِنسان ضرّ } أي ما يضره من المحن والشدائد في نفسه مخلصاً راجعاً اليه مستغيثاً به { ثمّ إذا خوّله } أعطاه نعمة منه { نسي ما كان يدعو إليه } أي نسي الضر الذي كان يدعو الله إلى كشفه، وقيل: نسي ربه الذي كان يتضرع إليه ويبتهل إليه { من قبل } يعني نسي في حال الرخاء ما كان يدعو في حال الضر والشدة { وجعل لله أنداداً } أي أشباهاً قيل: هي الأوثان { ليضل عن سبيله } عن طريق الجنة، وقيل: يريد به إضلال الناس، وقيل: يضل عن طريق الجنة واللام للعاقبة، أي عاقبته أن يضل { قل } يا محمد لهؤلاء الكفار { تمتع بكفرك قليلاً } مدتكم في الدنيا ثم تموتون وتزول نعمتكم { إنك } إذ متّ كنت { من أصحاب النار } تعذب فيها دائماً.