التفاسير

< >
عرض

وَٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِٱلْوَٰلِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَٰمَىٰ وَٱلْمَسَٰكِينِ وَٱلْجَارِ ذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْجَارِ ٱلْجُنُبِ وَٱلصَّاحِبِ بِٱلجَنْبِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً
٣٦
ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً
٣٧
وَٱلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَـآءَ ٱلنَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلاَ بِٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَمَن يَكُنِ ٱلشَّيْطَانُ لَهُ قَرِيناً فَسَآءَ قِرِيناً
٣٨
وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَأَنْفَقُواْ مِمَّا رَزَقَهُمُ ٱللَّهُ وَكَانَ ٱللَّهُ بِهِم عَلِيماً
٣٩
إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَٰعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً
٤٠
فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَـٰؤُلاۤءِ شَهِيداً
٤١
يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ ٱلرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّىٰ بِهِمُ ٱلأَرْضُ وَلاَ يَكْتُمُونَ ٱللَّهَ حَدِيثاً
٤٢
-النساء

تفسير الأعقم

قوله تعالى: { وبالوالدين إحساناً } يعني وأحسنوا إليهما إحساناً { وبذي القربى } أي وبكل من بينكم وبينه قرابة من أخٍ أو عمٍّ أو غيرهما { والجار ذي القربى } الذي قرب جواره { والجار الجنب } الذي جواره بعيد، وقيل: القريب في النسب، وقيل: المسلم، وقيل: الجار الجنب البعيد في النسب، وقد جاء عنه (صلى الله عليه وآله وسلم): "إلى أربعين دار جوار" { والصاحب بالجنب } قيل: الرفيق في الطريق، وقيل: المرأة، وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم): "خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره" ، { كان مختالاً } المختال التيَّاه الجهول الذي يتكبَّر عن إكرام أقاربه وأصحابه ومماليكه ولا يلتفت إليهم، قوله تعالى: { الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل } نزلت في اليهود بخلوا بما أُوتوا من الرزق وكتموا ما أوتوا من العلم بصفة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقيل: نزلت في مشركي مكة المنفقي أموالهم في عداوة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ويأمرون الناس أن يبخلوا، قوله تعالى: { والذين ينفقون أموالهم رِئاءَ الناس } نزلت في المنافقين وكانوا ينفقون ويصلون الأرحام، وقيل: نزلت في اليهود، وقيل: في قريش، رِئاء الناس ليقال ما أسخاهم وما أجودهم: { ومن يكن الشيطان له قَرِيْنَاً فسَاءَ قريناً } حيث حملهم على البخل والرئاء { وماذا عليهم لو آمنوا بالله } أي فأي تبعة ووبال عليهم في الإِيمان والإِنفاق في سبيل الله؟ والمراد الذم والتوبيخ { وكان الله بهم عليماً } وعيد، وقوله تعالى: { إن الله لا يظلم مثقال ذرة } الذرة النملة الصغيرة، وفي قراءة عبد الله مثقال نملة، وعن ابن عباس: أنه أدخل في يده التراب فرفعه ثم نفخ فيه، وقال: كل واحدة من هؤلاء ذرة، وقيل: كل جزء من أجزاء الهباء في الكوة ذرة، وفيه دليل على أنه لا ينقص من الأجر أدنى شيء، قوله تعالى: { وإن تك حسنة يضاعفها } أي وإن تك مثقال الذرة حسنة يضاعفها، فقد روي عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: "إن الله تعالى يعطي عبده المؤمن ألف ألف حسنة" قال أبو هريرة: لا بل سمعته يقول: "إن الله يعطي ألفي ألفي حسنة" ثم تلا هذه الآية والمراد الكثرة لا التحديد، قوله تعالى: { ويؤتِ من لدُنْه أجراً عظيماً } أي يعطي صاحبها من عنده على سبيل التفضُّل عطاء عظيماً، قوله تعالى: { فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيدٍ } يشهد عليهم بما فعلوا وهو نبيهم كقوله تعالى: { { وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم } [المائدة: 117] قوله تعالى: { وجئنا بك على هؤلاء } المكذبين { شهيداً } وعن ابن مسعود أنه قرأ سورة النساء على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى بلغ قوله: { وجئنا بك على هؤلاء شهيداً } فبكى (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال: "حسبُنَا" قوله تعالى: { لو تسوى بهم الأرض } لو يدفنون فتسوى بهم الأرض تغيبهم كما تستوي بالموتى، وقيل: يودون أنهم لم يبعثوا وأنهم كانوا والأرض سواء، وقيل: تصير البهائم تراباً فيودون حالها { ولا يكتمون الله حديثاً } ولا يقدرون على كتمانه لأن رجوعهم يشهد عليهم، وقيل: الواو للحال أي يودون أنهم يدفنون تحت الأرض وأنهم لا يكتمون الله حديثاً ولا يكذبون في قولهم والله ربنا ما كنا مشركين لأنهم إذا قالوا ذلك وجحدوا شركهم ختم الله على أفواههم عند ذلك وتكلمت أيديهم وأرجلهم بتكذيبهم والشهادة عليهم بالشرك فلشدة الأمر عليهم يودون أن تسوى بهم الأرض.