التفاسير

< >
عرض

مَنْ عَمِـلَ سَـيِّئَةً فَلاَ يُجْزَىٰ إِلاَّ مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِـلَ صَالِحاً مِّن ذَكَـرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ
٤٠
وَيٰقَوْمِ مَا لِيۤ أَدْعُوكُـمْ إِلَى ٱلنَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِيۤ إِلَى ٱلنَّارِ
٤١
تَدْعُونَنِي لأَكْـفُرَ بِٱللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَاْ أَدْعُوكُمْ إِلَى ٱلْعَزِيزِ ٱلْغَفَّارِ
٤٢
لاَ جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِيۤ إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي ٱلدُّنْيَا وَلاَ فِي ٱلآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَآ إِلَى ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱلْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ
٤٣
فَسَتَذْكُرُونَ مَآ أَقُولُ لَكُـمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِيۤ إِلَى ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ
٤٤
فَوقَاهُ ٱللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَـرُواْ وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوۤءُ ٱلْعَذَابِ
٤٥
ٱلنَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ أَدْخِلُوۤاْ آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ ٱلْعَذَابِ
٤٦
وَإِذْ يَتَحَآجُّونَ فِي ٱلنَّـارِ فَيَقُولُ ٱلضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ ٱسْتَكْـبَرُوۤاْ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِّنَ ٱلنَّارِ
٤٧
قَالَ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُوۤاْ إِنَّا كُلٌّ فِيهَآ إِنَّ ٱللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ ٱلْعِبَادِ
٤٨
-غافر

تفسير الأعقم

{ من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها } أي من عمل مصيبة فإنه لا يعاقب إلا بمقدار ما يستحق عليها { ومن عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب } ثم زاد في توبيخهم ووعظهم فقال سبحانه حاكياً عن المؤمن: { ويا قوم ما لي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار } أي أدعوكم إلى الإِيمان الذي هو سبب النجاة وتدعونني إلى الكفر الذي هو سبب النار { تدعونني لأكفر بالله وأشرك به ما ليس لي به علم } يعني لا أعلم لله شريكاً لأن الدليل دل على أنه لا شريك له وأنتم تدعونني إليه { وأنا أدعوكم إلى العزيز الغفَّار } أي عبادة الله ومغفرته وتوحيده { لا جرم } معناه حق وجب، ولأن ذلك ربهم، ولأن معناه حقاً مقطوعاً من الجزم وهو القطع، وقيل: هو رد الكلام كأنه لا محالة أن لهم النار { أنما تدعونني إليه } الى عبادته وهو الأصنام { ليس له دعوة في الدنيا ولا في الآخرة } قال جار الله: ليس له دعوة إلى نفسه، أي من حق المعبود بالحق أن يدعو العباد إلى الطاعة ثم يدعو العباد إليها إظهاراً لدعوة ربهم وما يدعوهم إليه وإلى عبادته لا يدعو هؤلاء ذلك لا يدعي الربوبية ولو كان جواباً لصح من دعائكم، وقوله: { في الدنيا ولا في الآخرة } يعني أنه في الدنيا جماد لا يستطيع شيئاً من دعاء وغيره وفي الآخرة أنشأه الله حيواناً يتبرأ من الدعاء إليه ومن عبده { وأن مردنا } مصيرنا { إلى الله } إلى حكمه { وأن المسرفين }، قيل: بقتل النفس بغير حقها، وقيل: بالشرك والمعاصي { هم أصحاب النار } الدائمون فيها { فستذكرون ما أقول لكم } أي ستذكرون أيها الكفار هذه العصاة وما قدمت من النصح يوم القيامة يوم لا ينفع { وقيل } إذا آتاكم عذاب الله في الغرق، وقيل: عند النزع { وأفوّض أمري إلى الله } هذا من كلام مؤمن آل فرعون { إن الله بصير بالعباد } أي عالم بأحوالهم { فوقاه الله سيئات } أي منعه الله من سوء ما دبروا وحفظه منهم، وقيل: همّوا بقتله، وقيل: نجا مع موسى وكان قبطياً ولم ينج من قوم فرعون غيره، وقيل: همّوا بأخذه وصلبه فهرب إلى جبل فبعث فرعون في طلبه فوجدوه قائماً يصلي وحوله الوحوش صفوفاً فرجعوا هاربين { وحاق }، قيل: نزل ووقع، وقيل: وجب آله اتباعه ومن كان على دينه من العذاب في الدنيا الغرق وفي الآخرة { النار يعرضون عليها غدّواً وعشيَّاً }، قال جار الله: في هذين الوقتين يعذبون بالنار وفيما بين ذلك الله أعلم بحالهم فأما أن يعذبوا بجنس آخر من العذاب أو ينفس عنهم، ويجوز أن يكون غدوا وعشياً عبارة عن الدوام هذا ما دامت الدنيا فإذا قامت الساعة قيل لهم: { أدخلوا آل فرعون أشد العذاب } أي يقال لخزنة جهنم ادخلوهم { وإذ يتحاجون في النار } أي يتخاصمون { فقال الضعفاء } الأتباع { للذين استكبروا } يعني الرؤساء والمتبوعين الذين تكبّروا وأبقوا عن قبول الحق { إنا كنا لكم تبعاً } أي تابعين لكم في الدنيا مطيعين فيما تأمرونا به { فهل أنتم مغنون عنا } أي تكفون عنَّا من الغنى الذي هو الكفاية { نصيباً } أي قدراً من العذاب، وإنما قالوا على وجه النياحة وإلا فهم يعلمون أنهم لا يكفون، فأجابوهم { قال الذين استكبروا إنا كلّ فيها } أي نحن وأنتم { إن الله قد حكم بين العباد } بإنزال كل أحد ما يستحقه، فلما سمعوا ذلك أقبلوا على الخزنة.