التفاسير

< >
عرض

وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى ٱللَّهِ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلظَّالِمِينَ
٤٠
وَلَمَنِ ٱنتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِّن سَبِيلٍ
٤١
إِنَّمَا ٱلسَّبِيلُ عَلَى ٱلَّذِينَ يَظْلِمُونَ ٱلنَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
٤٢
وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ
٤٣
وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن وَلِيٍّ مِّن بَعْدِهِ وَتَرَى ٱلظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَىٰ مَرَدٍّ مِّن سَبِيلٍ
٤٤
وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ ٱلذُّلِّ يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّ ٱلْخَاسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ أَلاَ إِنَّ ٱلظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُّقِيمٍ
٤٥
وَمَا كَانَ لَهُم مِّنْ أَوْلِيَآءَ يَنصُرُونَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن سَبِيلٍ
٤٦
-الشورى

تفسير الأعقم

{ وجزاء سيئة سيئة مثلها } سمي الجزاء على الشيء باسم الشيء وإن كان الثاني حسناً كقول الشاعر:

ألا لا يجهلن أحد علينا فجهل فوق جهل الجاهلينا

{ فمن عفى وأصلح فأجره } لأنه من الأعمال الصالحة { فأجره } أي ثوابه { على الله } وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): "إذا كان يوم القيامة نادى منادي: من له على الله أجر فليقم، قال: فيقوم خلق كثير فيقال لهم: ما أجوركم على الله؟ فيقولون: نحن الذين عفونا عن من ظلمنا، فيقال لهم: ادخلوا الجنة بإذن الله" { إنه لا يحب الظالمين } أي لا يريد اعزاز الظالمين { ولمن انتصر بعد ظلمه } أي انتقم من ظالمه بعد أن ظلمه، والانتقام بالقصاص { فأولئك ما عليهم من سبيل } أي يأثم { إنما السبيل } أي الإِثم والعقاب { على الذين يظلمون الناس } ابتداء { ويبغون في الأرض بغير الحق } ويظلموا في الأرض بغير الحق { أولئك لهم عذاب أليم } موجع { ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور } أي تحمل المشقة في رضى الله وغفر لأخيه فإن ذلك من عزم الأمور، أي من ثابت الأمور التي أمر الله بها { ومن يضلل الله }، قيل: يعذبه ويهلكه يوم القيامة باستحقاقه ذلك، وقيل: يضله عن رحمته وجنته { فما له من ولي من بعده } أي أضر من بعده سوى الله { وترى الظالمين لما رأوا العذاب يقولون هل إلى مردٍ من سبيل } أي إلى رجعة إلى الدنيا { وتراهم يعرضون عليها } أي على النار { خاشعين } أي خاضعين { ينظرون من طرفٍ خفي } أي من عين خفي قيل: دليل، وقيل: يسارقون النظر، وقيل: من عين لا تفتح كلها إلى النار لعظم ما فيها من العذاب، وقيل: ينظرون إلى النار بقلوبهم لأنهم عمي والنظر بالقلب خفي { وقال الذين آمنوا } لما رأوا ما نزل بالظالمين { إن الخاسرين } في الحقيقة { الذين خسروا أنفسهم } لأن رأس المال هو النفس فإذا أوثقوها فلا خسران أعظم منه لأنهم أهلكوها بالعذاب وفوتوها نعيم الجنة { وأهليهم }، قيل: أزواجهم وأولادهم، وقيل: أهليهم من الحور العين { ألا إن الظالمين في عذاب مقيم } دائم، وقيل: هذا تمام كلام المؤمنين، وقيل: خبر مبتدأ من الله في عذاب مقيم، يعني الظلمة { وما كان لهم من أولياء ينصرونهم من دون الله } أي لا ولي لهم ولا ناصر يتولى تخليصهم من العذاب { ومن يضلل الله فما له من سبيل }، قيل: هذا جواب قولهم: { هل إلى مرد من سبيل } يعني من أهلكه الله فما له من طريق إلى النجاة، وقيل: من أبعده الله من الجنة ما يرشده أحد إليها.