{وأن لا تعلوا على الله} قيل: لا تكبروا على الله بترك طاعته، وقيل: لا تعلوا على أولياء الله بالبغي عليهم، وقيل: لا تكبروا على الله {إني آتيكم بسلطان مبين} بحجة ظاهرة، قيل: العصا واليد {وإني عذت بربي وربكم} أي اعتصمت بربي وربكم {أن ترجمون} قيل: بالحجارة، وقيل: بالشتم بالقول، فقالوا: ساحر كذّاب {وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون} يعني جئتكم برسالة من ربكم فإن لم تصدقوني فاعتزلون خلوا سبيلي ولا تقبلون ولا تستمعون {فدعا ربه} يعني موسى لما أيس منهم فقال: {أن هؤلاء قومٌ مجرمون} مصرون على كفرهم فأوجبت، وأوحى الله إليه أن {أسر بعبادي ليلاً إنكم متبعون} يتبعكم فرعون وقومه {واترك البحر رهواً} إذا قطعته أنت وأصحابك قيل: ساكناً كما كان، والرهو الساكن، وقيل: المفتوح المنكشف، وقيل: إن قوماً سألوه ألا يترك البحر مفتوحاً لئلا يدخل فرعون فأمره الله أن يتركه كما هو: {إنهم جند مغرقون} {كم تركوا من جناتٍ وعيون} جارية، يعني فرعون وقومه {وزروع ومقام كريم} قيل: مجلس شريف، وقيل: مقام الملوك، وقيل: المنازل الحسنة، وقيل: المنابر، وقيل: المقام المزخرف بالزينة {ونعمة} أي عطية وسرور {كانوا فيها فاكهين} لاعمين ناعمين {كذلك} كان الأمر فيهم، وقيل: كذلك فعلنا بهم ونفعل بأمثالهم {وأورثناها قوماً آخرين} أي أعطيناها بني إسرائيل {فما بكت عليهم السماء والأرض} فيه أقوال: قيل: أهل السماء وأهل الأرض، قال الحسن وأبو علي: ما بكى عليهم الملائكة والمؤمنون بل كانوا بهلاكهم فرحين، وقيل: لو كانت السماء والأرض مما يبكيا على أحد لم يبك عليهم ما يبك على المؤمن إذا مات من مصلاه ومصعد عمله، وفي حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "ما من مؤمن مات في خير عمله غابت فيها بواكيه إلاَّ بكت عليه السماء والأرض" {ولقد نجّينا} أي خلصنا {بني إسرائيل من العذاب المهين} وهو ما نالهم {من فرعون} من الأعمال الشاقة {إنه كان عالياً} أي متكبراً {من المسرفين} مجاوز للحد {ولقد اخترناهم على علم على العالمين} أي وأنا عالم بحالهم، وقوله: على العالمين أي على عالمي زمانهم {وآتيناهم من الآيات} من الحجج من فلق البحر والجراد {ما فيه بلاء مبين} نعمة ظاهرة لأن الله تعالى يبلو بالنعمة كما يبلو بالمعصية وهو ما فعل لهم من المن والسلوى والغمام وفلق البحر، وقيل: الابتلاء بالشدة والرخاء، وقيل: الآيات المعجزات وفيه نعمة على الأنبياء وعلى قومهم {إن هؤلاء ليقولون} هم المشركون أهل مكة والعرب {إن هي إلاَّ موتتنا الأولى} يعني نموت ثم لا بعث ولا نشور {فأتوا بآبائنا إن كنتم صادقين}.