التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ هَـٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ
٧
أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ قُلْ إِنِ ٱفْتَرَيْتُهُ فَلاَ تَمْلِكُونَ لِي مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَىٰ بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ
٨
قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِّنَ ٱلرُّسُلِ وَمَآ أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلاَ بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ وَمَآ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ
٩
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ مِثْلِهِ فَآمَنَ وَٱسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ
١٠
-الأحقاف

تفسير الأعقم

{ وإذا تتلى عليهم } على هؤلاء الكفار { آياتنا } قيل: آيات القرآن { بينات } واضحات ظاهرات { قال الذين كفروا للحق } وسائر الحجج { لمَّا جاءهم هذا سحرٌ مبين } { أم يقولون افتراه } واختلقه من عنده كذباً { قل إن افتريته } يعني كذبت في هذا القرآن أنه منزّل { فلا تملكون لي من الله شيئاً } أي لا تقدرون على دفع ما يريد الله بي { هو أعلم بما تفيضون فيه } أي تتحاورون به بينكم وتخوضون فيه { كفى به شهيداً بيني وبينكم وهو الغفور } لذنوب التائبين { الرحيم } بعباده قيل: يخوضون في أمر محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وتكذيبه، وقيل: في القرآن غفور لم يعاجلهم بل انظرهم، رحيم يقبل توبتهم { قل } يا محمد { ما كنت بدعا من الرسل } أي ما أنا بأول رسول، يعني إذا لم أكن بأول رسول وقد خلت من قبلي الرسل فلم تنكروني؟ قال جار لله: ما كنت بدعاً من الرسل فآتيكم بكل ما تقترحونه وأخبركم بكل ما تسألون عنه، وإن الرسل لم يكونوا يأتون إلا ما آتاهم الله من آياته ولا يخبرون إلا بما أوحي إليهم، ولقد أجاب موسى فرعون في قوله تعالى: { { قال فما بال القرون الأولى } [طه: 51]، قال: { { علمها عند ربي } [الأعراف: 187] { وما أدري ما يفعل بي ولا بكم }، وقيل: معناه لا أدعي علم غيب ولا معرفة ما يفعل بي ولا بكم من إحياء ولا إماتة والنعمة والجدب إلا أن يوحى إليَّ في ذلك شيء فاتبعه، وقيل: من صحة ومرض وغنى وفقر، وقيل: في أمر الهجرة أي لا أدري أترك ها هنا أو أؤمر بالهجرة إلى موضع آخر، وقيل: لما اشتد البلاء بأصحاب محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) رأى فيما يرى النائم وهو بمكة.....، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) لأصحابه: "رأيت كذا وكذا فلا أدري ما يكون ذلك؟"، فنزلت الآية، وقيل: لا أدري فيما لم يوح إلي فأعلم { إن أتبع إلاَّ ما يوحى إلي وما أنا إلا نذير مبين } { قل } يا محمد { أرأيتم إن كان من عند الله } يعني القرآن { وكفرتم به } ألستم ظالمين { وشهد شاهد من بني إسرائيل } هو عبد الله بن سلام "لما قدم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) المدينة نظر إلى وجهه فعلم أنه ليس بوجه كذاب، وتأمله فتحقق أنه هو النبي المنتظر وقال: إني اسألك عن ثلاث لا تظهر إلا لنبي: ما أول أشراط الساعة؟ وما أول طعام يأكله أهل الجنة؟ والولد يفزع إلى أبيه أو إلى أمه؟ فقال (عليه السلام): أما أول أشراط الساعة فنار تحشرهم من المشرق إلى المغرب، وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزائدة كبد حوت، وأما الولد فإذا سبق ماء الرجل نزعه وإن سبق ماء المرأة نزعته ثم قال: أشهد أنك رسول الله حقاً، فقال: يا رسول الله ان اليهود قوم بهت وأنه إن علموا بإسلامي قبل أن تسألهم عني بهتوني عندك، فجاءت اليهود فقال رسول الله: أي رجل عبد الله فيكم؟، فقالوا: حبرنا وابن حبرنا وسيدنا وابن سيدنا، فقال: أرأيتم ان أسلم عبد الله؟، قالوا: أعاذه الله من ذلك، فخرج إليهم عبد الله فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، قالوا: شرنا وابن شرنا، فقال: هذا ما كنت يا رسول الله أخاف وأحذر" ، قال سعد بن أبي وقاص، ما سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يمشي على الأرض انه من أهل الجنة إلا عبد الله بن سلام، وفيه نزلت: { وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله } الضمير للقرآن أي على مثله في المعنى وهو ما في التوراة من المعاني المطابقة لمعاني القرآن من التوحيد والوعد والوعيد وغير ذلك، ويدل عليه قوله تعالى: { { وإنه لفي زبر الأولين } [الشعراء: 196] { { إن هذا لفي الصحف الأولى } [الأعلى: 18] { إن الله لا يهدي القوم الظالمين }، قيل: إلى الجنة، وقيل: إلى زيادة الألطاف.