التفاسير

< >
عرض

فَإِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَضَرْبَ ٱلرِّقَابِ حَتَّىٰ إِذَآ أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّواْ ٱلْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَآءً حَتَّىٰ تَضَعَ ٱلْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَآءُ اللَّهُ لاَنْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَـٰكِن لِّيَبْلُوَاْ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ
٤
سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ
٥
وَيُدْخِلُهُمُ ٱلْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ
٦
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ
٧
وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَتَعْساً لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ
٨
ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَٰلَهُمْ
٩
أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ دَمَّرَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا
١٠
ذَلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ مَوْلَى ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَأَنَّ ٱلْكَافِرِينَ لاَ مَوْلَىٰ لَهُمْ
١١
إِنَّ ٱللَّهَ يُدْخِلُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ ٱلأَنْعَامُ وَٱلنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ
١٢
وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ ٱلَّتِيۤ أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلاَ نَاصِرَ لَهُمْ
١٣
أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوۤءُ عَمَلِهِ وَٱتَّبَعُوۤاْ أَهْوَاءَهُمْ
١٤
-محمد

تفسير الأعقم

فإذا حاربتم الكفار { فضرب الرقاب } الأعناق وإنما عبر بذلك عن القتل لأنه لا يبقى حياة بعد ضرب الرقبة، وقيل: أمر بقتلهم من غير أسر ولا فداء { حتى إذا أثخنتموهم } أي قهرتموهم وعزرتموهم، وقيل: أكثرتم الجراح والقتل وقتلتم بعضهم وجرحتم البعض حتى ضعفوا { فشدّوا الوثاق } يعني شدو وثاق الأسارى، فأمر تعالى بالقتل والأسر لكيلا يقوى الكفر، وقيل: أراد كيلا يهربوا { فإمَّا منّا بعد وإمَّا فداءً } أي إما منَّا منكم عليهم بالإِطلاق بعد الأسر من عوض وأما فداءاً يعوض، وقيل: المن بالإِطلاق وبالإِسلام لأن أسير العرب إذا أمن يطلق وأسير العجم إذا سلم يستعبد { حتى تضع الحرب أوزارها } أثقالها قيل: أراد أن تضع أهل الحرب سلاحها حتى تزول الحرب وهم المحاربون، أوزارها آثامها بأن يتوبوا من كفرهم ويؤمنوا بالله، أي أثخنوا المشركين بالقتل والأسر حتى يظهر الحق والإِسلام على الأديان، وقيل: حتى ينقطع الحرب عند نزول عيسى فيسلم كل يهودي ونصراني وصاحب ملة وهي آخر أيام التكليف، وقيل: حتى يعبد الله ولا يشرك به شيئاً، وقيل: حتى لا يكون دين إلاَّ الإِسلام { ذلك }، قيل: الأمر بالجهاد، وقيل: ما ذكرناه من أحكام الكفر { ولو يشاء الله لانتصر منهم } لأهلكهم { ولكن ليبلو بعضكم ببعض } لو كان الغرض زوال الكفر فقط لأهلكهم لكن الغرض استحقاق الثواب وذلك لا يحصل إلا بالبعيد { والذين قتلوا في سبيل الله } أي في الجهاد في دين الله، وقيل: قتلوا يوم أحد، وقاتلوا معناه جاهدوا، وقرئ بهما جميعاً { فلن يضل أعمالهم } بل هي مقبولة يجازون عليها ثواباً { سيهديهم } الجنة وثوابها { ويصلح بالهم } أي حالهم في الدارين { ويدخلهم الجنة عرّفها لهم }، قيل: طيبها لهم، وقيل: بينها لهم وأعلمهم بوصفها، وقيل: عرفها لهم يوم القيامة حتى أنهم يعرفون منازلهم في الدنيا { يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم } أي تنصروا دين الله ونبيه ينصركم { ويثبّت أقدامكم } بالطاعة بتقوية قلوبكم، وقيل: ينصركم بالآخرة ويثبت أقدامكم عند الحساب وعلى الصراط، وقيل: ينصركم في الدنيا والآخرة ويثبت أقدامكم في الدارين { والذين كفروا فتعساً لهم } في الآخرة، وقيل: في الدارين، ومعنى تعساً بُعداً، والتعس الانحطاط للعثار، وفي حديث عائشة: تعس مسطح، أي أتعسه الله، ومعناه انكب وعثر، وقيل: بعداً لهم { وأضلّ أعمالهم } قيل: انحط ثوابها { ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله } من القرآن { فأحبط أعمالهم } { أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم دمّر الله عليهم } أي أهلكهم ودمر منازلهم، { وللكافرين أمثالها } أي ولهؤلاء الكافرين أمثال ما تقدم من العناد للعدى { ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا } يتولى نصرهم وحفظهم { وإن الكافرين لا مولى لهم } أي لا ناصر يدفع العذاب عنهم { إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار } أي من تحت أبنيتها وأشجارها { والذين كفروا يتمتعون } في هذه الدنيا وملاذها { ويأكلون كما تأكل الأنعام } وهم غافلون عن الآخرة { والنار مثوىً لهم } أي منزل وموضع إقامة { وكأين من قرية } أي كم من قرية { هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك } أعظم من قوة أهل قريتك، وقوله: { التي أخرجتك } ألجأتك إلى الخروج لأنه خرج بنفسه { أفمن كان على بيّنة من ربه } يعني من كان على دينه وما يعتقده من التوحيد والعدل والشرائع، قيل: محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) والمؤمنون، { كمن زيّن له سوء عمله }، قيل: زينه لنفسه، وقيل: زينه للشيطان، وقيل: زينه بعضهم لبعض { وسوء عمله } ما يدينون به من الكفر والمعاصي { واتبعوا أهواءهم } في ذلك معناه لا يستوي من يتبع الدليل ومن يتبع الهوى والآية عامة.