التفاسير

< >
عرض

إِنَّمَا جَزَآءُ ٱلَّذِينَ يُحَارِبُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي ٱلأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُوۤاْ أَوْ يُصَلَّبُوۤاْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ ٱلأَرْضِ ذٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي ٱلدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ
٣٣
إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
٣٤
يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱبْتَغُوۤاْ إِلَيهِ ٱلْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
٣٥
إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَّا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُواْ بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
٣٦
يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُواْ مِنَ ٱلنَّارِ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ
٣٧
وَٱلسَّارِقُ وَٱلسَّارِقَةُ فَٱقْطَعُوۤاْ أَيْدِيَهُمَا جَزَآءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
٣٨
فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
٣٩
-المائدة

تفسير الأعقم

{ إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله } ومحاربة المسلمين في حكم محاربته { ويسعون في الأرض فساداً } يعني مفسدين، الآية نزلت في قوم هلال بن عويمر وكان بينه وبين رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عهود فمر به قوم يريدون رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقطعوا عليهم الطريق، وقيل: في قوم من عونه نزلوا المدينة مظهرين الإسلام فاستوخموها واصفرّت ألوانهم فبعثهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى إبل الصدقة ليشربوا من ألبانها وأبوالها فصحوا ومالوا على قتلهم واستاقوا الإِبل وارتدوا فبعث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من يردّهم وأمر بقطع أيديهم وأرجلهم وثمل أعينهم وتركهم في الحر حتى ماتوا، قيل: من جمع بين القتل وأخذ المال قُتِل وصُلِبَ، ومن أفرد القتل قُتِل، ومن أفرد أخذ المال قطعت يده لأخذ المال ورجله، ومن أفرد الإِخافة نفي من الأرض، قال جار الله: وهذا حكم كل قاطع طريق كافراً كان أو مسلماً ومعناه: أن يقتلوا من غير صلب ان افردوا القتل وأن يصلبوا مع القتل إن جمعوا بين القتل والأخذ للمال، قوله تعالى: { أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف } ان أخذوا المال { أو ينفوا من الأرض } ان لم يزيدوا على الاخافة، وعن الحسن: أن الإِمام مخيّر بين هذه الوجوه وقد قيل في النفي: أنه يحبس، وقيل: يطرد، وقيل: ينفى من بلده وكانوا ينفونهم { ذلك لهم خزي في الدنيا } أي ذلّ وفضيحة { ولهم في الآخرة عذاب عظيم } { إلا الذين تابوا } استثناء من المعاقبين عقاب قاطع الطريق خاصة قاله جار الله، وأما حكم القتل والجراح وأخذ المال فإلى الأولياء إن شاؤوا عفوا وإن شاؤوا استوفوا، وعن علي (عليه السلام): أن الحرث بن زيد جاءه تائباً بعد ما كان يقطع الطريق فقبل توبته ودرأ عنه العقوبة، قوله تعالى: { يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة } خطاب لجميع المؤمنين والوسيلة هي ما يتوسل به من قراءته أو صنيعه أو غير ذلك وما يتوسل به إلى الله تعالى من فعل الطاعات وترك المعاصي، قوله تعالى: { إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض } أي لو ملكوا جميع ما في الأرض ومثل ذلك: { ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم } قوله: { يريدون أن يخرجوا من النار } قيل: يريدون أن يخرجون منها ولا يتمكنون من ذلك، وقيل: يتمنون الخروج { وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم } ثابت لا يزول، قوله تعالى: { والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما } والمقدار الذي يجب القطع عليه عشرة دراهم، وعن مالك والشافعي ربع دينار، وعن الحسن درهم { فمن تاب من بعد ظلمه } يعني من بعد سرقته { وأصلح } أمره فإن الله يتوب عليه بسقوط عذاب الآخرة وأما القطع فلا يسقط عند أبي حنيفة، وعن الشافعي في أحد قوليه يسقط، وقيل: نزلت الآية في طعمة بن أبيرق، وقيل: "في امرأة سرقت فأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بقطع يدها فقال قومها: نحن نفديها بخمس مائة دينار فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): اقطعوا يدها اليمنى فقالت المرأة: هل لي من توبة؟ قال: نعم" فنزل قوله: { فمن تاب من بعد ظلمه } الآية، وقيل: من تاب رجع، قيل: تاب قبل إقامة الحدّ عليه، وقيل: برد السرقة قبل القدرة عليه لم يقطع، وقيل: بالتوبة وهو الندم على ما فعل والعزم على أن لا يعود، وقوله: { فإن الله يتوب عليه } أي يقبل توبته { إن الله غفور } لِمَنْ تاب { رحيم } يقبل توبته.