التفاسير

< >
عرض

يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا ٱلْخَمْرُ وَٱلْمَيْسِرُ وَٱلأَنصَابُ وَٱلأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ ٱلشَّيْطَانِ فَٱجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
٩٠
إِنَّمَا يُرِيدُ ٱلشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ ٱلْعَدَاوَةَ وَٱلْبَغْضَآءَ فِي ٱلْخَمْرِ وَٱلْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ وَعَنِ ٱلصَّلاَةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُّنتَهُونَ
٩١
وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَٱحْذَرُواْ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ
٩٢
لَيْسَ عَلَى ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوۤاْ إِذَا مَا ٱتَّقَواْ وَآمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَواْ وَآمَنُواْ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّأَحْسَنُواْ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ
٩٣
-المائدة

تفسير الأعقم

قوله تعالى: { يأيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر } قيل: لما نزل قوله تعالى: { { لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى } [النساء: 43] قال عمر: اللهم بين لنا في الخمر بياناً شافياً فنزل قوله تعالى: { إنما الخمر والميسر } الآية، والخمر أصله الستر يقال: خمرت الإناء إذا غطيته ومنه سمي الخمار لأنه يغطي الرأس، والميسر القمار، وكانوا يصيبون في القمار الأموال العظيمة من غير كدّ ولا نصب { والأنصاب } حجارة ينصبونها للعبادة { والأزلام } السهام { رجس من عمل الشيطان } الآية، قال جار الله: أكد تحريم الخمر والميسر وجوهاً من التأكيد منها: أنه جعله رجساً كما قال: { { فاجتنبوا الرجس من الأوثان } [الحج: 30] ومنها: أنه جعلها من عمل الشيطان وهو لا يأتي إلا بالشر، ومنها: أنه جعله الاجتناب من الفلاح، ومنها: أنه ذكر ما نسخ منها من الوبال وهو وقوع التعادي والتباغض بين أصحاب الخمر والقمار، وما يؤديان إليه من الصدّ عن ذكر الله تعالى، وعن مراعاة أوقات الصلاة، وقوله: { فهل أنتم منتهون } من أبلغ ما ينهي عنه، كأنه قيل: قد تلي عليكم ما فيهما من أنواع الصوارف والموانع فهل أنتم مع هذه منتهون، قال جار الله: فإن قلت: إلى ما يرجع الضمير في قوله: { فاجتنبوه }؟ قلت: إلى المضاف المحذوف، كأنه قيل: إنما شأن الخمر والميسر أو تعاطيهما أو ما أشبه ذلك ولذلك قال: { رجس من عمل الشيطان }، قوله تعالى: { واحذروا } يعني كونوا حذرين خاشيين لأنهم إذا كانوا حذرين دعاهم الحذر إلى اتقاء كل سيئة وعمل كل حسنة ويجوز أن يكون المراد واحذروا ما عليكم في الخمر والميسر في ترك طاعة الله والرسول { فإن توليتم فاعلموا } أنكم لم تضروا الرسول بتوليكم لأن الرسول ليس عليه إلا { البلاغ المبين } وإنما ضررتم أنفسكم حين أعرضتم عما كلفتموه، قوله تعالى: { ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح } قال جار الله: رفع الجناح عن المؤمنين في أي شيء طعموه من مستلذات المطاعم { إذا ما اتقو } ما حرم عليهم { وآمنوا } وثبتوا على التقوى والايمان والعمل الصالح { ثم اتقوا وآمنوا } ثم ثبتوا على التقوى والايمان { ثم اتقوا وأحسنوا } أي وثبتوا على اتقاء المعاصي، قال تعالى: { وأحسنوا } أعمالهم إلى الناس، وقيل: فيما بينهم وبين الله تعالى أي أخلصوا أعمالهم إلى الله تعالى، وقيل: لما نزل تحريم الخمر قالت الصحابة: يا رسول الله كيف بإخواننا الذين ماتوا وهم يشربون الخمر ويأكلون الميتة فنزلت الآية، يعني أن المؤمنين لا جناح عليهم في أي شيء طعموا من المباحات إذا ما اتقوا المحارم وآمنوا { ثم اتقوا وأحسنوا } على معنى أن أولئك كانوا على هذه الصفة ثناء عليهم.