التفاسير

< >
عرض

أَفَلَمْ يَنظُرُوۤاْ إِلَى ٱلسَّمَآءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ
٦
وَٱلأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ
٧
تَبْصِرَةً وَذِكْرَىٰ لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ
٨
وَنَزَّلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً مُّبَٰرَكاً فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّٰتٍ وَحَبَّ ٱلْحَصِيدِ
٩
وَٱلنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ
١٠
رِّزْقاً لِّلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً كَذَلِكَ ٱلْخُرُوجُ
١١
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ ٱلرَّسِّ وَثَمُودُ
١٢
وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ
١٣
وَأَصْحَابُ ٱلأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُّبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ ٱلرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ
١٤
أَفَعَيِينَا بِٱلْخَلْقِ ٱلأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ
١٥
وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ ٱلْوَرِيدِ
١٦

تفسير الأعقم

{ أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم } أي هلاّ نظروا إلى السماء فوقهم، أي تفكروا ليعلموا أن لها صانعاً يقدر على البعث { كيف بنيناها } مع عظمها { وزيّناها } بالكواكب المختلفة { وما لها من فروج } من فتوق، يعني أنها ملساء سليمة من العيوب لا فتق فيها ولا صدع ولا خلل { والأرض مددناها } دحوناها { وألقينا فيها رواسي } جبالاً ثوابت جعلها أوتاداً لولاها لاضطربت لحركات الناس عليها عن الحسن { وأنبتنا فيها } في الأرض { من كل زوج } صنف { بهيج } أي حسن المنظر، يعني بهج به لحسنه { تبصرة وذكرى } ليبصر به ويتذكر كل { عبد منيب } راجع إلى ربه متفكر في بدائع خلقه { ونزّلنا من السماء ماء } قيل: من السحاب، وقيل: من السماء { مباركاً } لعظم النفع به { فأنبتنا به جنات } وهي البساتين أي فيها الأشجار { وحب الحصيد } يعني حب كل شيء يحصد كالبر والشعير وغيرهما { والنخل باسقات لها طلع نضيد } يعني طوال في السماء، وقوله: لها طلع نضيد يعني منضود بعضه على بعض أما أن يريد كثرة الطلع وتراكمه أو كثرة ما فيه من التمر { رزقاً للعباد } أي جعلنا ذلك رزقاً للعباد { وأحيينا به بلدة ميتاً } أي أحياها بالماء المبارك فشبَّه ما لا نبات فيه بالميت وما فيه نبات بالحي توسعاً { كذلك الخروج } يعني كما نبت الأشياء عن عدم كذلك تخرج الموتى عن قبورهم أحياء بعد موتهم { كذّبت قبلهم قوم نوح } قد تقدم قصصهم { وأصحاب الرّس } قيل: هم قوم قتلوا نبيهم ورسوه فيها، وقيل: الرس واد بقرب المدينة، وقيل: هم أهل البئر الذي قال الله: { { وبئر معطلة وقصر مشيد } [الحج: 45] { وثمود } هم قوم صالح أهلكوا بالصيحة { وعاد } قوم هود أهلكوا بالريح، وفرعون موسى أغرق { وإخوان لوط } قلبت بهم الأرض وأرسلت عليهم الحجارة { وأصحاب الأيكة } الغيضة وقوم شعيب { وقوم تبع } إنما ذكر قومه دونه لأنه آمن، وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): "لا تلعنوا تبعاً فإنه قد كان أسلم" وروي أنه كان يعبد النار فأسلم ودعا قومه وهم خمسون فكذبوه، وقيل: هم أسعد أبي كرب أقبل من مشرق وأتى المدينة على أن يخربها فجاءه حبران فانتهى عما كان يريد، وروي أنه لما أسلم قال: شهدت على أحمد أنه رسول الله، وروي أنه أول من كسى البيت { كل كذّب الرسل فحقَّ وعيد } أي وجب عليهم وعيدي بالعذاب قيل: عذاب الاستئصال، وقيل: عذاب الآخرة { أفعيينا بالخلق الأوَّل } يعني لماذا أنكروا الإِعادة، والمعنى أنا لم نعجز كما علموا عن الخلق الأول حتى يعجزوا عن الخلق الثاني، وقيل: الخلق الأول خلق الأشياء، وقيل: بل خلق آدم وكانوا يقرون به وأنه من ولده { بل هم في لبس من خلق جديد } أي أتوا من قلة بكفرهم في الأدلة فبقوا في أمر ملتبس، أي في شك من خلق جديد { ولقد خلقنا الإِنسان ونعلم ما توسوس به نفسه } أي تحدث به، يعني لا يخفى علينا سرائره { ونحن أقرب إليه من حبل الوريد } قيل: حبل الوريد عرق الحلق، وقيل: عرق يتعلق بالقلب، يعني نحن أقرب إليه من قلبه، ومتى قيل: بأي شيء هو أقرب؟ قلنا: بالعلم والقدرة.