التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ
١٥
آخِذِينَ مَآ آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ
١٦
كَانُواْ قَلِيلاً مِّن ٱللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ
١٧
وَبِٱلأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ
١٨
وَفِيۤ أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لَّلسَّآئِلِ وَٱلْمَحْرُومِ
١٩
وَفِي ٱلأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ
٢٠
وَفِيۤ أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ
٢١
وَفِي ٱلسَّمَآءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ
٢٢
فَوَرَبِّ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَآ أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ
٢٣
-الذاريات

تفسير الأعقم

{ إن المتقين } الذين يتقون المعاصي { في جنات وعيون } تجري فيها { آخذين ما آتاهم ربهم } من كرامته وثوابه جزاء لهم { إنهم كانوا قبل ذلك محسنين } في أعمالهم في الدنيا { كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون } قيل: قليلاً هجوعهم، وقيل: كانوا لا ينامون حتى يصلون العتمة عن محمد بن علي، وقيل: يصلون ما بين المغرب والعشاء { وبالأسحار هم يستغفرون } من الذنوب، وقيل: يصلون، وقيل: يستغفرون من تقصيرهم في طاعتهم { وفي أموالهم حقّ } قيل: الزكاة، وقيل: سائر الأمور الواجبة { للسائل والمحروم } السائل الذي يستجدي والمحروم الذي يحسب غنياً فيحرم الصدقة لتعففه، وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): "ليس المسكين الذي ترده الأكلة والأكلتان والتمرة والتمرتان، قالوا: فما هو؟ قال: هو الذي لا يجدي ولا يتصدق عليه" ، وقيل: المحارف الذي لا يكاد يكسب { وفي الأرض آيات للموقنين } تدل على الصانع وقدرته وحكمته وتدبيره كما قال: { { الذي جعل لكم الأرض مهاداً } [النبأ: 6] وفيها المسالك والفجاج للمتقلبين فيها وما فيها من أنواع الخيرات والنعم والمخلوقات والمعادن وأنواع الأشجار بالثمار المختلفة الألوان والطعوم والروائح تسقى بماء واحد، ونفضل بعضها على بعض في الأكل وقوله: { للموقنين } بالحق { وفي أنفسكم } حال ابتدائها وتنقلها من حال إلى حال وفي بواطنها وظواهرها من عجائب الفطرة وبدائع الخلق ما تتحير فيه الأذهان من حيث خلقه وصوره وركب فيه الحواس والأعضاء ومجاري الطعام والشراب وغير ذلك { أفلا تبصرون } في ذلك لتعلموا أن لها صانعاً مدبراً { وفي السماء رزقكم } قيل: هو المطر الذي هو سبب الرزق، وقيل: أراد بالسماء المطر أي في المطر رزقكم، قال الشاعر:

إذا وقع السماء بأرض قوم رعيناه وإن كانوا عصابا

وقيل: وعلى رب السماء رزقكم، وفي بمعنى على كقوله: { { في جذوع النخل } [طه: 71]، وقيل: قسمه رزقكم في السماء لا يزيد ولا ينقص فكيف تتعبون بطلبه { وما توعدون } قيل: الساعة، وقيل: الجنة والنار، وقيل: ما توعدون من خير وشر، وقيل: الجنة وهي في السماء السابعة { فورب السماء والأرض } قسم من الله تعالى { إنه لحق } أي ما ذكره صدق { مثل ما أنَّكم تنطقون } قيل: كما لا تشكون في منطقكم فلا تشكون فيما توعدون، قال الحسن: قاتل الله أقواماً أقسم لهم ربهم بنفسه فلم يصدقوه، وقيل: كما أنكم تقولون أن الرزق في السماء وهو المطر فهو كذلك، وقيل: إنه قسم رزقكم كما قسم النطق فكنتم ذو نطق دون سائر الحيوان كذلك قسم لكل رزقاً.