التفاسير

< >
عرض

مَا كَذَبَ ٱلْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ
١١
أَفَتُمَارُونَهُ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ
١٢
وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ
١٣
عِندَ سِدْرَةِ ٱلْمُنتَهَىٰ
١٤
عِندَهَا جَنَّةُ ٱلْمَأْوَىٰ
١٥
إِذْ يَغْشَىٰ ٱلسِّدْرَةَ مَا يَغْشَىٰ
١٦
مَا زَاغَ ٱلْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ
١٧
لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ ٱلْكُبْرَىٰ
١٨
أَفَرَأَيْتُمُ ٱللاَّتَ وَٱلْعُزَّىٰ
١٩
وَمَنَاةَ ٱلثَّالِثَةَ ٱلأُخْرَىٰ
٢٠
أَلَكُمُ ٱلذَّكَرُ وَلَهُ ٱلأُنْثَىٰ
٢١
تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَىٰ
٢٢
إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَآءٌ سَمَّيْتُمُوهَآ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَمَا تَهْوَى ٱلأَنفُسُ وَلَقَدْ جَآءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ ٱلْهُدَىٰ
٢٣
أَمْ لِلإِنسَانِ مَا تَمَنَّىٰ
٢٤
فَلِلَّهِ ٱلآخِرَةُ وٱلأُولَىٰ
٢٥
-النجم

تفسير الأعقم

{ ما كذب الفؤاد ما رأى } ما كذب فؤاد محمد ما رأى بصره في ذلك الوقت من صورة جبريل { أفتمارونه } من المراء وهو المجادلة، وقيل: إنه لما أسري برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأصبح بمكة فأخذوا يجادلونه ويجحدونه وكان الإِسراء بمكة بعد موت أبي طالب من المسجد، وقيل: من بيت أم هاني بعدما صلى العشاء الآخرة وعاد قبل الفجر { ولقد رآه نزلة أخرى } { عند سدرة المنتهى } هو جبريل قيل: هي شجرة النبق، وقيل: هي في السماء السابعة المنتهى لأنه ينتهي إليها أرواح الشهداء { إذ يغشى السدرة ما يغشى } قيل: يغشاها جبريل في خلقته العجيبة سدّ الأفق، وقيل: غشيها أمر الله فتحولت ياقوتاً وزبرجداً حتى لا يستطيع أحد وصفها { ما زاغ البصر وما طغى } أي ما جاوز ما أمر به ولا مال، يعني ما رأى لاحقاً وصواباً، وروي عنه أنه قال: "رأيت على كل ورقة من ورقها ملك يسبح الله" { لقد رأى من آيات ربه الكبرى } قيل: هي السموات والملائكة وما في السماوات من ملكوته، وعن ابن مسعود: رأى زبرقا أخضراً من زبارق الجنة قد سدّ الأفق، وقيل: هي سدرة المنتهى، وقيل: رأى جبريل في صورته التي تكون في السماء، وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "رأيت على كل ورقة ملكاً قائماً يسبح الله" وعنه: "يغشاها رفرف من طير خضر" ، وعن ابن مسعود وغيره: يغشاها فراش من ذهب، وقيل: غشيها من أمر الله ما غشى { أفرأيتم اللات والعزى } أصنام كانت لهم وهي مؤنثات، فاللات كانت لثقيف بالطائف، وقيل: نخلة تعبدها قريش، والعزى كانت لغطفان وهي سمرة وأصلها تأنيث الأعز، وبعث رسول الله إليها خالد بن الوليد فقطعها، فخرجت منها شيطانة ناشرة شعرها داعية ويلها واضعة يدها على رأسها فجعل يضربها بالسيف حتى قتلها وهو يقول:

يا عزّا كفرانك لا سبحانك إني رأيت الله قد أهانك

ولن تعبدها أبداً { ومناة الثالثة } كانت لهذيل وخزاعة وسميت مناة لأن دم النسائك كانت تمنى، وقيل: زعموا أن الملائكة بنات الله تعالى عن ذلك وصوروا الأصنام على صورتهم اللات والعزى ومناة، وقيل: كانت حجارة في جوف الكعبة { ألكم الذكر وله الأنثى } { تلك إذاً قسمة ضيزى } جائرة، وقيل: مخالفة، وكانوا يقولون أن الملائكة وهذه الأصنام بنات الله، وكانوا يعبدونهم ويزعمون أنهم شفعاؤهم عند الله، فقيل: { ألكم الذكر وله الأنثى } { إن هي إلا أسماء سمّيتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان } من حجة وسميت الحجة سلطاناً لأن صاحبها يقهر { إن يتبعون إلاَّ الظن } في قولهم إنها آلهة { وما تهوى الأنفس } أي تهواه وتألفه لأنهم وجدوا آباءهم وقومهم يعبدونها فمالوا إليها { ولقد جاءهم من ربهم الهدى } أنها ليست بآلهة ولا تحق لها العبادة { أم للإِنسان ما تمنّى } قيل: تمنّوا أن تشفع لهم عند الله وظنّوا ذلك وليس كما ظنوا، وقيل: تمنُّوا أن الأصنام كانت آلهة { فللّه الآخرة والأولى } يعطي من يشاء، وقيل: أم للإِنسان ما تمنى من نعيم الدنيا والآخرة بل يفعله الله تعالى بحسب المصلحة يعطي في الآخرة المؤمنين دون الكافرين.