التفاسير

< >
عرض

أَفَرَأَيْتَ ٱلَّذِي تَوَلَّىٰ
٣٣
وَأَعْطَىٰ قَلِيلاً وَأَكْدَىٰ
٣٤
أَعِندَهُ عِلْمُ ٱلْغَيْبِ فَهُوَ يَرَىٰ
٣٥
أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَىٰ
٣٦
وَإِبْرَاهِيمَ ٱلَّذِي وَفَّىٰ
٣٧
أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ
٣٨
وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَىٰ
٣٩
وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ
٤٠
ثُمَّ يُجْزَاهُ ٱلْجَزَآءَ ٱلأَوْفَىٰ
٤١
وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلْمُنتَهَىٰ
٤٢
وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ
٤٣
وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا
٤٤
وَأَنَّهُ خَلَقَ ٱلزَّوْجَيْنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلأُنثَىٰ
٤٥
مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَىٰ
٤٦
وَأَنَّ عَلَيْهِ ٱلنَّشْأَةَ ٱلأُخْرَىٰ
٤٧
وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَىٰ وَأَقْنَىٰ
٤٨
وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ ٱلشِّعْرَىٰ
٤٩
وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً ٱلأُولَىٰ
٥٠
وَثَمُودَ فَمَآ أَبْقَىٰ
٥١
وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُواْ هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَىٰ
٥٢
وَٱلْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَىٰ
٥٣
فَغَشَّاهَا مَا غَشَّىٰ
٥٤
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكَ تَتَمَارَىٰ
٥٥
هَـٰذَا نَذِيرٌ مِّنَ ٱلنُّذُرِ ٱلأُوْلَىٰ
٥٦
أَزِفَتِ ٱلآزِفَةُ
٥٧
لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ ٱللَّهِ كَاشِفَةٌ
٥٨
أَفَمِنْ هَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ
٥٩
وَتَضْحَكُونَ وَلاَ تَبْكُونَ
٦٠
وَأَنتُمْ سَامِدُونَ
٦١
فَٱسْجُدُواْ لِلَّهِ وَٱعْبُدُواْ
٦٢
-النجم

تفسير الأعقم

{ أفرأيت الذي تولى } الآية نزلت في عثمان كان يعطي ماله في الخير، فقال له عبد الله بن سعيد بن سرح وهو أخوه من الرضاعة، يوشك الا يبقى لك شيء، فقال عثمان: إن لي ذنوباً وخطايا، فقال عبد الله: أعطي ناقتك برجلها وأنا أتحمل عنك ذنوبك، فأعطاه وأشهد عليه وأمسك عن العطاء فنزلت، روي ذلك في الكشاف والحاكم والثعلبي، ومعنى تولى ترك المركز يوم أحد وعاد عثمان إلى ما كان من الانفاق، وقيل: نزلت في أبي جهل، وقيل: في الوليد بن المغيرة وكان يأتيه (صلى الله عليه وآله وسلم) يستمع قوله ثم يتولى عنه، وقيل: نزلت في العاص بن وائل، وقيل: في النضر بن الحارث { أعطى } المهاجرين خمس قلائص { وأكدى } اقطع، وقيل: أعرض عن الدين، وقيل أنفق المال قليلاً وأكدى أي قطع { أعنده علم الغيب فهو يرى } فهو يعلم أن المؤمنين لا يظفرون بتبعتهم، وقيل: عنده علم المصالح فهو يرى أن البخل خيراً، ثم بيّن تعالى أنه يأخذ كلٌ بذنبه خلاف ما قالوا رداً عليهم على ما تقدم فقال سبحانه: { أم لم ينبأ بما في صحف موسى } يعني أسفار التوراة { وإبراهيم الذي وفّى } قيل: فعل ما أمر الله على التمام من تبليغ رسالته وبيان شرائعه، وقيل: امتحن بذبح ولده وإلقائه في النار وتحمل الأذية من قومه فوفى ما عليه من جميع ذلك، وقيل: في تبليغ الرسالة التي هي قوله: { ألا تزر وازرة وزر أخرى } وكانوا يأخذون القريب بذنب القريب، والجار بذنب الجار، وقيل: الصبر على ذبح ولده، وعلى نار نمرود، وقيامه بأضيافه وخدمته إيَّاهم بنفسه، وأنه كان يخرج كل يوم يمشي فرسخاً يرتاد ضيفاً فإن وافقه أكرمه وإلا نوى الصوم، وقيل: وفى سهام الإِسلام وهي ثلاثون عشر سهماً في التوبة وعشرة التائبون في الأحزاب { { إن المسلمين } [الأحزاب: 35] وعشرة في المؤمن { { قد أفلح المؤمنون } [المؤمنون: 1]، وروي عنه: "فسماه الله خليله.... يقول إذا أصبح أو أمسى: { { فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون } [الروم: 17]، إلى قوله: { { وحين تظهرون } [الروم: 18]" { وأن ليس للإِنسان إلا ما سعى } أي لا ينتفع إلاَّ بعمله { وأن سعيه سوف يرى } قيل: يراه مكتوباً في ديوانه وقيل:.... { ثم يجزاه الجزاء الأوفى } أي يكافأ على سعيه، وقيل: يعرف أعماله ثم يجزى عليه لأن ثم للتعتيب { وأن إلى ربك المنتهى } أي المرجع الذي ينفذ فيه أمره وحكمه، وقيل: ثوابه وعقابه ينتهي الخلق { وأنه هو أضحك وأبكى } قيل: فعل سبب الضحك وأبكى، وقيل: أضحك أهل الجنة وأبكى أهل النار، وقيل: أضحك الأشجار بالأنوار وأبكى السحاب بالأمطار، وقيل: أضحك المطيع بالرحمة وأبكى العاصي بالسخطة، وقيل: أضحك المؤمن في الآخرة وأبكاه في الدنيا { وأنه هو أمات وأحيا } قيل: هو القادر على أن يحيي ويميت، وقيل: أمات في الدنيا وأحيى في الآخرة، وقيل: أمات قوماً وأحيى قوماً، وقيل: أمات الآباء وأحيى الأولاد { وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى } { من نطفة إذا تمنى } قيل: تخرج من الرجل وتصب في الرحم { وأن عليه النشأة الأخرى } إن عليه أن يبعث الناس أحياء يوم القيامة للجزاء { وأنه هو أغنى وأقنى } قيل: أغنى بالمال وأقنى بأصول الأموال، وقيل: أغنى بالأموال وأقنى بالخدام، وقيل: أغنى بالمال وأقنى أيضاً مما أعطى، وقيل: أغنى أكثر وأقنى أقل { وإنه هو رب الشعرى } أي خالقه ومالكه وهو نجم مضيء، وقيل: النجم الذي حلف الجوزاء وكانت خزاعة يعبدونه، سنّ لهم ذلك أبو كبشة رجل من أشرافهم، وكانت قريش تقول لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أبو كبشة تشبيهاً له بهم لمخالفته إياهم في دينهم، يريد أنه رب معبودهم هذا { وأنه أهلك عاد الأولى } قوم هود، وعاد الأخرى آدم، وقيل: الأولى القدماء لأنهم أول الأمم هلاكاً بعد قوم نوح، وقيل: عاداً أهلكت بالصيحة والثانية أهلكت بالرياح العظيم { وثمودَ فما أبقى } أي قوم صالح أهلكوا بالصيحة فما أبقى منهم أحد { وقوم نوح } أي أهلكنا قوم نوح { من قبل } هؤلاء { إنهم كانوا هم أظلم وأطغى } أي أشد ظلماً وأشد بغياً، كانوا يؤذونه ويضربونه وما أثر فيهم دعاؤه قريباً من ألف سنة { والمؤتفكة أهوى } والقرى التي ائتفكت بأهلها، أي أهلكت وهم قوم لوط، رفعهم إلى السماء على جناحه جبريل ثم أهواها إلى الأرض أي أسقطها { فغشاها ما غشى } تهويلاً وتعظيماً لما صبّ عليهم من العذاب وأمطر عليها من الصخر المنضود، وقيل: أن قرى قوم لوط أربع: صنوا وذادرما وعامورا وسدوم { فبأي آلاء ربك تتمارى } نِعَم ربك تشك أيها الإنسان، نعم الدين أو نعم الدنيا { هذا نذير من النذر الأولى } قيل: هذا كناية عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقيل: عن القرآن، وقيل: هذه الأخبار الذي أخبر بها عن إهلاك الأمم من النذر الأولى من الأنبياء الذين خوفوا أممهم { أزفت الآزفة } وهي القيامة لأن محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم) خاتم النبيين { ليس لها من دون الله كاشفة } أي لا أحد يظهرها ويعينها غير الله تعالى { أفمن هذا الحديث تعجبون } إنكاراً من حديث البعث والنشور والقيامة، وقيل: من القرآن { وتضحكون } استهزاء، وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه لم يرَ ضاحكاً بعد نزولها { وأنتم سامدون } لاهون لاعبون { فاسجدوا لله واعبدوا } ولا تعبدوا إلا له.