{خشّعاً أبصارهم} وقرأ خاشعاً أي خاضعاً ذليلاً {يخرجون من الأجداث} من القبور سراعاً إلى المحشر {كأنهم جراد منتشر} منبت حيارى {مهطعين} مسرعين {إلى الداع يقول الكافرون هذا يوم عسر} أي شديد {كذّبت قبلهم قوم نوح} قيل: أهل مكة {فكذّبوا عبدنا} نوحاً {وقالوا مجنون} أي هو مجنون {وازدجر} قيل: زجراً بالشتم والرمي بالقبيح، وقيل: زجراً بالوعيد {فدعا ربه أني مغلوب} ضعيف غلبني هؤلاء السفهاء {فانتصر} فانتقم بالنصر ثم بيّن تعالى كيف أجاب دعاء نوح وكيف أهلك قومه فقال سبحانه: {ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر} شديد الانصباب لم يقلع ولم ينقطع أربعين يوماً، وقيل: سائل {وفجّرنا الأرض} أي شققنا الأرض بالماء {عيونا} حتى جرى الماء على وجه الأرض {فالتقى الماء} أي ماء السماء وماء الأرض {على أمر قد قدر} فيه هلاك القوم على أمر قد قدره الله تعالى وهو هلاكهم، وقيل: على أمر قدره الله تعالى وعرف تقديره لا زيادة فيه ولا نقصان، وقيل: ماء السماء وماء الأرض {وحملناه} أي نوحاً ولم يذكر القوم لأنهم تبع له {على ذات ألواح ودسر} المسامير التي شدّ بها السفينة {تجري بأعيننا} بحفظنا {جزاء لمن كان كفر} قيل: لنوح وتقديره كمن كفر بنبوته وأنكر حقه وكفر بالله، يعني أغرقناهم بكفرهم بالله، وقيل: بكفرهم بنوح {ولقد تركناها آية} يعني السفينة ونجاة من فيها {فهل من مدّكر} أي متعظ وخائف ينزل به مثل ما نزل بأولئك، وقيل: هل من طالب عليهم ليعان عليه، ومتى قيل: لماذا أعاد فهل من مدّكر؟ قلنا: أراد بالأول الاعتبار بأحوال المعذبين وبالناجين والثاني التذكر بمواعظ القرآن فلم يكن تكرار {فكيف كان عذابي ونذر} أي انذاري فكيف رأيتم انتقامي منهم {ولقد يسّرنا القرآن للذكر} أي سهلنا للذكر لكي يتفكر فيه من تذكر متعظ {كذبت عاد} وهم قوم هود {فكيف كان عذابي ونذر} أي إنذاري {إنا أرسلنا عليهم ريحاً صرصراً} أي شديد الهبوب {في يوم نحس} أي يوم شؤم {مستمر} استمر بهم العذاب إلى نار جهنم، وقيل: استمرت بهم سبع ليال وثمانية أيام {تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر} قيل: تقتلع الناس ثم ترمي بهم على رؤوسهم فتدق رقابهم، وشبّههم بالنخل بقوله: {منقعر} منقلع عن مغارسه، وقيل: لأن الريح تقلع رؤوسهم وتبقى أجساد بلا رؤوس {فكيف كان عذابي ونذر} {ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدَّكر} متعظ ومعتبر {كذّبت ثمود بالنذر} وهم قوم صالح {فقالوا أبشرا منا واحداً نتبعه} فقالوا: إنه بشر فلم خصّ بالنبوة دوننا نتبعه {إنا إذاً لفي ضلال وسعر} يعني ان اتبعناه كنا في ذهاب عن الحق والصواب، وقيل: في ضلال، وسعر قيل: في عذاب، وقيل: في هلاك.