{ ولقد جاء آل فرعون } أي قومه
الذين اتبعوه في دينه { النذر }
الآيات، وقيل: الرسل موسى
وهارون { كذّبوا بآياتنا كلها }
بالآيات التسع التي جاء بها
موسى، وقيل: بجميع الآيات لأن
التكذيب ببعضها تكذيب بكلها
{ فأخذناهم } بالعذاب { أخذ عزيز }
قادر ولا يمتنع عليه شيء
{ مقتدر } على ما يشاء ثم خوف
قومه (صلى الله عليه وآله وسلم)
أن ينزل بهم مثل ذلك، فقال:
{ أكفاركم خيرٌ من أولئكم } أي
ليس كفار قريش خير من هؤلاء
الذين تقدم ذكرهم لا في القوة ولا
في العدد { أم لكم براءة في الزبر }
من العذاب في الكتب السابقة وهذا
إنكار، أي ليس لهم ذلك { أم
يقولون نحن جميع منتصر } أي
كما ليسوا بخير من أولئك ولا لهم
براءة كذلك لا جمع لهم يمنعهم
عذابي وينصرهم { سيهزم الجمع }
يعني وإن جمعوا الجموع فإن الله
يهزمها { ويولّون الدبر } قيل: يوم
بدر { بل الساعة موعدهم } يعني
يوم القيامة موعدهم جميعاً
{ والساعة أدهى } سميت بذلك
لسرعة مجئيها إذ هي أعظم بلية
وأشد مرارة من عذاب يوم بدر
لأن عذاب النار يدوم { إن
المجرمين } إلى آخر السورة نزلت
في وفد نجران، وقيل: في القدرية
من هذه الأمة وعن كعب نجد في
التوراة أن القدرية { يسحبون }
{ على وجوههم } في النار، وعن
النبي (صلى الله عليه وآله
وسلم): "لعنت القدرية والمرجئة
على لسان سبعين نبياً، قيل: يا
رسول الله ومن القدرية؟ قال:
قوم يعملون المعاصي يقولون
الله قدرها عليهم قيل: ومن
المرجئة؟ قال: هم قوم يقولون
الايمان بلا عمل وقد علمنا أن
المحبرة أعداء الرحمان وشهود
الشيطان" وعنه (صلى الله عليه
وآله وسلم): "القدرية مجوس
هذه الأمَّة" { في ضلال } في ذهاب
عن الحق وعن وجه النجاة،
وقيل: في هلاك، { وسعر } نار
مسعرة { يوم يسحبون في النار
على وجوههم ذوقوا مسّ سقر }
أي عذاب النار، والسقر جهنم،
وقيل: باب من أبوابها { إنا كل
شيء خلقناه بقدر } يعني كل شيء
خلقناه على قدر معلوم، فاللسان
على مقدار يصلح الكلام، واليد
للبطش، والرجل للمشي، والعين
للبصر، والاذن للسمع، والمعدة
للطعام، وقيل: خلق النار بمقدار
استحقاق أهلها، ومتى قيل: هلاّ
حملتم ذلك على أفعال العباد وأنه
خلق فيهم الخير والشر، قلنا:
ليس في الظاهر ذلك لأن أفعالهم
ليست بخلق الله تعالى لأن فيها
الكفر والظلم { وما أمرنا إلاَّ واحدة
كلمح بالبصر } قيل: أراد قيام
الساعة، يعني إذا أردنا قيامها
أعدنا السماوات والأرض وجميع
المخلوقات في قدر لمح البصر
بسرعة { ولقد أهلكنا أشياعكم فهل
من مدّكر } { وكل شيء فعلوه في
الزبر } { وكل صغير وكبير
مستطر } وعيد لهم، ولقد أهلكنا
أشياعكم من كان على دينكم معتبر
لكم، وقيل: الأمم السالفة فهل من
مدَّكر؟ { وكل شيء فعلوه } الأتباع
{ في الزبر } في الكتب التي كتبها
الحفظة، وقيل: في اللوح { وكل
صغير وكبير } من أفعالهم
{ مستطر } مكتوب { إن المتقين }
الذين اتقوا المعاصي { في جنات
ونهر } أنهار جارية { في مقعد
صدق } قيل: في مجلس حق لا
لغو فيه وهو الجنة ووصف
المكان بالصدق لأنه يدوم وغيره
يزول { عند مليك مقتدر } قيل: في
علم الله صائر إلى ذلك الموضع،
وقيل: المكان الذي هيَّأه لأوليائه
والمليك الملك، والمقتدر هو
القادر تبارك وتعالى.