المعنى: { سبح لله ما في السماوات و الأرض } إما ما يعقل في السماوات الملائكة والأرض والمؤمنون فيسبحونه قولاً وفعلاً واعتقاداً، وإما ما لا يعقل فتسبيحه على وجهين: أحدهما بما فيه من الدلالة على تنزيهه، والثاني دلالة العبادة له فيصرفه كيف يشاء { وهو العزيز الحكيم } القادر الذي لا يمتنع عليه شيء ومع ذلك حكيم محكم لأفعاله لا يفعل إلا الحسن، وقيل: الحكيم العالم بكل شيء { له ملك السماوات والأرض } اختراعهما وتصرفهما كما يشاء، وقيل: خزائنهما من مطر ونبات ورزق وإحياء وإماتة وإيجاد وإعادة { يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير } { هو الأول والآخر } قيل: الموجد أولاً قبل كل موجود والآخر بعد فناء كل شيء يعني أنه قديم باقي { والظاهر } بالأدلة الدالة عليه، { والباطن } لكونه غير مدرك بالحواس، وقيل: الظاهر على كل شيء بالقدرة، والباطن العالم بما ظهر وبطن { وهو بكل شيء عليم } موجوداً كان أو معدوماً { هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام } لاعتبار الملائكة بأنه يظهر شيئاً بعد شيء { ثم استوى على العرش } المعروف، والاستواء عليه كونه قادراً عليه وعلى خلقه قال:
قد استوى بشر على العراقِ من غير سيف ودم مهراق
وهو العرش المعروف في السماء، وقيل: العرش الملك، وقيل: على بمعنى إلى يعني لما خلق السماوات والأرض استوى على العرش فخلقه، والاستوى بمعنى القصد كقوله: { { ثم استوى إلى السماء } [البقرة: 29] { يعلم ما يلج في الأرض } أي ينزل في الأرض من الحيوانات والأموات والكنوز والمياه { وما يخرج منها } من أنواع النبات والجواهر والميات { وما ينزل من السماء } من الملائكة والأمطار { وما يعرج فيها } أي يصعد من الأعمال حتى لا يخفى عليه شيء { وهو معكم } بالعلم والقدرة { أينما كنتم والله بما تعملون بصير }.