التفاسير

< >
عرض

يَوْمَ يَقُولُ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُواْ ٱنظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ٱرْجِعُواْ وَرَآءَكُمْ فَٱلْتَمِسُواْ نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ ٱلرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ ٱلْعَذَابُ
١٣
يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ قَالُواْ بَلَىٰ وَلَـٰكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَٱرْتَبْتُمْ وَغرَّتْكُمُ ٱلأَمَانِيُّ حَتَّىٰ جَآءَ أَمْرُ ٱللَّهِ وَغَرَّكُم بِٱللَّهِ ٱلْغَرُورُ
١٤
فَٱلْيَوْمَ لاَ يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلاَ مِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مَأْوَاكُمُ ٱلنَّارُ هِيَ مَوْلاَكُمْ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ
١٥
أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ ٱللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ ٱلْحَقِّ وَلاَ يَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ ٱلأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ
١٦
ٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ يُحْيِـي ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ ٱلآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ
١٧
-الحديد

تفسير الأعقم

{ يوم يقول المنافقون والمنافقات } يعني إذا رأى المنافقون نور المؤمنين يقولون لهم: { انظرونا نقتبس من نوركم } انظرونا بصلة الهمز وضم الظاء وهي قراءة نافع ومن تابعه، يعني اصبروا لنا، فأما بكسر الظاء وقطع الألف وهي قراءة حمزة أمهلونا لأنه يسرع بهم إلى الجنة كالبرق الخاطف ركاب على نوق تزف بهم وهؤلاء مشاة، أو انظروا إلينا لأنهم إذا نظروا إليهم استقبلوهم بوجوههم والنور بين أيديهم فيستضيئون به { قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نوراً } طرداً لهم وتهكم بهم، أي ارجعوا إلى الموقف إلى حيث أعطينا هذا النور فالتمسوا نوراً هناك فمن ثم يقتبس، أو ارجعوا إلى الدنيا فالتمسوا نوراً وهو أنه لا سبيل إليه وإنما قالوه توبيخاً { فضرب بينهم بسور } الباء صلة وهو حاجز بين الجنة والنار يعني بين المؤمنين والمنافقين بحائط حيل من شق الجنة وشق النار، وقيل: هو الأعراف، ولذلك السور { باب } لأهل الجنة يدخلون فيه { باطنه } باطن السور والباب وهو الشق الذي يلي الجنة { وظاهره } ما ظهر لأهل النار { من قبله } من عنده ومن جهته { العذاب } وهو الظلمة والنار فيقول المنافقون عند ذلك للمؤمنين { ينادونهم ألم نكن معكم } في الدنيا نصلي ونصوم ونوافقكم في الدين { قالوا } يعني المؤمنين { بلى } كنتم معنا في الظاهر { ولكنكم فتنتم أنفسكم } بالمعاصي، وقيل: أهلكتم أنفسكم بالنفاق { وتربّصتم } انتظرتم بالرسول والمؤمنين الدوائر { وارتبتم } شككتم في الدين { وغرّتكم الأماني } أي ما كنتم تمنون من الباطل، وقيل: غركم طول الأمال، وقيل: الأماني الكاذبة في الخلاص من الرسول بهلاكه وإبطال { حتى جاء أمر الله } أي كنتم على ذلك مصرّين حتى جاء الموت { وغرّكم بالله الغرور } الشيطان، وقيل: الدنيا، وقيل: علماء السوء { فاليوم لا يؤخذ منكم فدية } أي بدل { مأواكم النار هي مولاكم } أي مصيركم { وبئس المصير } { ألم يأن } من أنى الأمر إذا جاء أناه، أي وقته، وقيل: نزلت الآية في المنافقين الذين أظهروا الاسلام وأسرُّوا الكفر، وقيل: نزلت في المؤمنين عن ابن مسعود لما سألوا أن يحدثهم وكرروا نزلت، وعن ابن مسعود: ما كان بين إسلامنا وبين أن عوتبنا بهذه الآية إلا أربع سنين، { أن تخشع قلوبهم لذكر الله } القرآن والمواعظ { وما نزل من الحق } القرآن { ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل } يعني اليهود والنصارى { فطال عليهم الأمد } الجزاء، وقيل: ما بين زمانهم وزمان موسى، وقيل: زمان أنبياءهم، وقيل: الأمد الآخرة { فقست قلوبهم } واختلفوا وأحدثوا ما أحدثوا من التحريف وغيره { وكثير منهم فاسقون } وهم الذين كفروا بعيسى ومحمد، وقيل: الذين حرفوا الكتاب { اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها } أي يحييها بالنبات كذلك يحيي الموتى { قد بيَّنا لكم الآيات } الحجج على إثبات الصانع وصحة الإِعادة { إن كنتم تعقلون }.