التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا نَاجَيْتُمُ ٱلرَّسُولَ فَقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِن لَّمْ تَجِدُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
١٢
ءَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُواْ وَتَابَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَاةَ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
١٣
أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ تَوَلَّوْاْ قَوْماً غَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مَّا هُم مِّنكُمْ وَلاَ مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى ٱلْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ
١٤
أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُمْ عَذَاباً شَدِيداً إِنَّهُمْ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
١٥
ٱتَّخَذْوۤاْ أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ
١٦
لَّن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ شَيْئاً أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
١٧
يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ ٱللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَىٰ شَيْءٍ أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ ٱلْكَاذِبُونَ
١٨
ٱسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ ٱلشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ ٱللَّهِ أُوْلَـٰئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الخَاسِرُونَ
١٩
إِنَّ الَّذِينَ يُحَآدُّونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـٰئِكَ فِي ٱلأَذَلِّينَ
٢٠
-المجادلة

تفسير الأعقم

{ يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقةً } قيل: نزلت في الأغنياء كانوا يناجون النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فيغلبون الفقراء ويكثرون الجلوس فكره النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ذلك فنزلت، وأمروا بالصدقة فانتهوا { ذلك } التقديم { خير لكم } في دينكم { وأطهر } لأن الصدقة طهره، روي أن الناس أكثروا في مناجاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بما يريدون فأمروا بأن من أراد أن يناجيه قدم في مناجاته صدقة، "قال أمير المؤمنين: لما نزلت دعاني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: ما تقول في دينار؟ فقلت: لا يطيقونه، قال: كم؟ قلت: حبَّة أو شعيرة، قال: إنك لزاهد، فلما رأوا ذلك ارتدعوا وكفوا إما الفقراء فلعسره وإما الأغنياء فلشحهم" وقيل: كان ذلك عشر ليال ثم نسخ، وعن علي: "إن في كتاب الله لآية ما عمل بها أحدٌ قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي، كنت إذا ناجيت تصدقت بدرهم" وعن ابن عمر: كانت لعلي (رضوان الله عليه) ثلاث لو كانت لي منهن واحدة كانت أحب إليَّ من حمر النعم: تزويجه فاطمة وإعطاءه الراية يوم خيبر وآية النجوى، قيل: هي منسوخة بالزكاة، وقيل بالآية التي بعدها { أأشفقتم } أخفتم تقديم الصدقات لما فيه من الانفاق الذي يكرهونه وإن { الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء } { فإذ لم تفعلوا } ما أمرتم به وشق عليكم { وتاب الله عليكم } وعذركم ورخص لكم في أن لا تفعلوا فلا تفرطوا في الصلاة والزكاة وسائر الطاعات { ألم تر إلى الذين تولوا قوماً غضب الله عليهم } الآية نزلت في المنافقين تولوا اليهود ونقلوا اليهم أسرار المؤمنين، وقيل: نزلت في عبد الله بن أبي المنافق وكان يحضر مجلس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ويرفع حديثه إلى اليهود، فإذا قيل له حلف وحَلف أصحابه فتولوا اليهود { غضب الله عليهم ما هم منكم } أيها المؤمنون { ولا منهم } يعني اليهود { ويحلفون على الكذب وهم يعلمون } قيل: يحلفون للنبي والمؤمنين أنهم منهم وهم يعلمون كذبهم { أعدّ الله لهم عذاباً شديداً } قيل: عذاب النار، وقيل: عذاب القبر { إنهم ساء ما كانوا يعملون } أي بئس العمل عملهم وهو النفاق { اتخذوا أيمانهم } الكاذبة { جنةً } أي وقاية { فصدوا عن سبيل الله } أعرضوا عن الدين { فلهم عذاب مهين } { لن تغني عنهم } يوم القيامة { أموالهم ولا أولادهم من الله شيئاً أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } { يوم يبعثهم الله جميعاً } من القبور أحياء { فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون } قيل: أنهم يحلفون أنهم لم يكونوا كفاراً من عند أنفسهم لأن دار الآخرة لا يمكنون فيها من الكذب، وقيل: يحلفون في الآخرة أنهم كانوا في الدنيا من المؤمنين وظنوا أن ذلك يجوز إلا أنهم هم الكاذبون في أقوالهم وإيمانهم، وعن ابن عباس: أن الآية نزلت في القدرية ثم قال: والله هم القدريون، والله هم القدريون، وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): "ينادي منادي يوم القيامة أين خصماء الله؟ فيقوم القدرية مسودة وجوههم" وقد تقدم في سورة القمر أن القدرية هم المجبرة الذين يجعلون كل القبائح بقدره، وقد بيّن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) تبياناً شافياً وفي هذا الخبر ما يدل على ذلك لأن خصماء الرحمان من يضيف جميع المعاصي والظلم إلى الله، وهم الذين يشهدون لابليس بالبراءة، وقد بيَّنا في قوله: { { ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودَّة } [الزمر: 60] انها في المجبرة { استحوذ عليهم الشيطان } أي غلب عليهم الشيطان فاستولى حتى تبعوه وتركوا أمر الله { فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان } قرناؤه وأتباعه { ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون } خسروا أنفسهم حيث أوثقوا لها { إن الذين يحادون الله ورسوله } أي يخالفونه وكانوا من حزب الشيطان وهم المنافقون { أولئك في الأذلين } في الجملة المتناهين في الذل والخزي فهم أذل خلق الله.