التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
١٨
وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ نَسُواْ ٱللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُولَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ
١٩
لاَ يَسْتَوِيۤ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ وَأَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ هُمُ ٱلْفَآئِزُونَ
٢٠
لَوْ أَنزَلْنَا هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ ٱللَّهِ وَتِلْكَ ٱلأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ
٢١
هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ هُوَ ٱلرَّحْمَـٰنُ ٱلرَّحِيمُ
٢٢
هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْمَلِكُ ٱلْقُدُّوسُ ٱلسَّلاَمُ ٱلْمُؤْمِنُ ٱلْمُهَيْمِنُ ٱلْعَزِيزُ ٱلْجَبَّارُ ٱلْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ
٢٣
هُوَ ٱللَّهُ ٱلْخَالِقُ ٱلْبَارِىءُ ٱلْمُصَوِّرُ لَهُ ٱلأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ
٢٤
-الحشر

تفسير الأعقم

{ يأيها الذين آمنوا اتقوا الله } أي اتقوا عذابه، بأداء الواجبات واجتناب المعاصي { ولتنظر نفس ما قدمت لغدٍ } ليوم القيامة { واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون } فيجازيكم به وكرر الأمر بالتقوى تأكيداً { ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم } قيل: تركوا ذكر الله فأنساهم بأن خذلهم حتى صاروا كالمنسي { أولئك هم الفاسقون } { لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة } أي لا يستوي حالهما وأحدهما في النار والجحيم والثاني النعيم { أصحاب الجنة هم الفائزون } الظافرون بطلبته.
فصل: هذه الآيات روى أنس بن مالك عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم):
"من قرأ آخر سورة الحشر غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر" وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): "من قرأ آخر سورة الحشر في ليل أو في نهار فقبض في ذلك اليوم فقد وجبت له الجنة، ومن قرأ آخر سورة الحشر { لو أنزلنا } إلى آخر السورة فمات في ليله مات شهيداً" ، وعن أبي هريرة: "سألت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن اسم الله الأعظم فقال: عليك بآخر سورة الحشر فأكثر قراءتها فأكثرت عليه وأعاد علي، فأعدت عليه فأعاد علي" ، ثم بيّن تعالى عظم حال القرآن وقسوة القلوب فقال سبحانه وتعالى: { لو أنزلنا هذا القرآن على جبل } مع شدته وقسوته { لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله } قيل: معناه لو أحيينا الجبل وركبنا فيه العقل { لرأيته خاشعاً }، وقيل: لو كان الجبل ينصدع من هذا القرآن لعظم ذلك، قال في الحاكم: وهو الوجه { وتلك الأمثال نضربها للناس لعلّهم يتفكرون } في ذلك فيتعظون به تدل الآية على عظم حال القرآن وموقعه في الدين ووجوب الخشوع عند قراءته والعمل بما فيه والتفكر فيه والاتعاظ بمواعظه { هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة } قيل: ما شاهد العبد وما لم يشاهد وما لا ينبغي عليه الحس كالمعدومات وما يرى من الموجودات والشهادة ما تقع عليه الحواس، وقيل: ما غاب عن علم الخلق وما علموه، وقيل: السر والعلانية { هو الرحمن } المنعم على كل حي { الرحيم } على المؤمنين بالثواب { هو الله الذي } تحق له العبادة { الذي لا إله إلاَّ هو } ولا تحق العبادة لغيره { الملك } المالك لجميع الأشياء، وقيل: القادر على اختراع الأجسام والأعراض { القدوس } الطاهر من كل ما لا يليق المنزه عن الشرك والولد والفحشاء، وقيل: تسبيح الملائكة سبوح قدوس رب الملائكة والروح { السلام } قيل: الذي يسلم عباده، وقيل: المسلم من جميع الآفات، وقيل: الذي من عنده ترجى السلامة { المؤمن } قيل: المصدق لرسله بالمعجزات، وقيل: يصدق المؤمنين ما وعدهم من الثواب والكافرين ما وعدهم من العذاب، وقيل: الذي أمن الناس من ظلمه { المهيمن } الرقيب على كل شيء الحافظ له { العزيز } القادر الذي لا يرام ولا يمتنع عليه شيء، وقيل: العظيم، وقيل: الباهر { الجبار } قيل: العظيم، وقيل: العالي الذي لا تناله يد أحد، وقيل: الذي يجبر خلقه على ما يريد ويصرفهم كيف شاء { المتكبر } البليغ الكبرياء والعظمة، وقيل: المتكبر عن ظلم عباده { سبحان الله عما يشركون } أي تنزيهاً له عن إضافة الشريك والفحشاء إليه { هو الله الخالق } المحدث للأشياء { البارئ } المخترع للأجسام والأعراض { المصور } الذي يصور الخلق على ما يريد { له الأسماء الحسنى } أسماؤه على ضربين وكل ذلك معنى مفيد لأن الألقاب يجوز عليها فمنها ما يفيد صفته في ذاته كقوله: قادر عالم وحي وقديم وسميع ونحوها، وكل ذلك يقتضي تعظيماً والثاني يفيد صفة ترجع إلى فعله كخالق رازق حكيم ونحوه.