التفاسير

< >
عرض

سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ
١
هُوَ ٱلَّذِيۤ أَخْرَجَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ ٱلْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُواْ وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ ٱللَّهِ فَأَتَاهُمُ ٱللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُواْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي ٱلْمُؤْمِنِينَ فَٱعْتَبِرُواْ يٰأُوْلِي ٱلأَبْصَارِ
٢
-الحشر

تفسير الأعقم

قيل: نزلت السورة في أجلاء بني النضير صالحوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على أن لا يكونوا لا عليه ولا له، ولما ظهر يوم بدر قالوا: هو النبي الذي نعته في التوراة لا بدَّ له من آية، فلما هزم المسلمون يوم أحد ارتابوا ونكثوا، فخرج كعب بن الأشرف في أربعين راكباً إلى مكة يحالفون قريشاً عليه (صلى الله عليه وآله وسلم) عند الكعبة فأمر (عليه الصلاة والسلام) محمد بن سلمة فقتل كعباً غيلة، وكان أخاه من الرضاعة، ثم صبحهم بالكتائب وطلبهم الخروج من المدينة فقالوا: الموت أحب إلينا من ذلك، فتنادوا الحرب، وقيل: استمهلوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عشرة أيام ليتجهزوا للخروج، وبعث عبد الله بن أبي والمنافقون أنهم ينصرونهم، فحاصرهم إحدى وعشرون ليلة، فلما قذف الله عز وجل الرعب في قلوبهم، وأيسوا من نصرهم المنافقين طلبوا الصلح فأبى عليهم إلا الجلاء على أن يحمل كل ثلاثة أبيات على بعير ما شاؤوا من متاعهم، فحملوا إلى الشام إلى أريحا، هذا الكلام في { سبّح } في الحديد { هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب } يعني من بني النضير وكانوا بقرب المدينة { من ديارهم } حصونهم وأوطانهم قال ابن اسحاق: كان آخر بني النضر عند رجع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من أحد وفتح قريظة وانصرافه من الأحزاب وبينهما سنتان { لأول الحشر } وهم أول من أخرج من أهل الكتاب من جزيرة إلى الشام ثم تبعهم إخوانهم من يهود خيبر وغيرهم، وقيل: أول الحشر من المدينة والثاني من خيبر، وقيل: أول حشر اليهود إلى أرض الشام، وثاني الحشر حشر الناس يوم القيامة إلى الشام { ما ظننتم } أيها المؤمنون { أن يخرجوا } من ديارهم لشدتهم وشوكتهم { وظنّوا } أن حصونهم تمنعهم من بأس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) { فأتاهم الله من حيث } لم يظنوا ولم يخطر ببالهم وهو قتل رئيسهم كعب بن الأشرف، وذلك مما أضعفهم وأوهن قوتهم، وقلّ من شوكتهم، وسلب قلوبهم الأمن والطمأنينة بما قذف فيها من الرعب، وألهمهم أن يوافقوا المؤمنين في تخريب بيوتهم، ويعينوا على أنفسهم، وثبط المنافقين الذين كانوا يتولوهم ومظاهرتهم وهذا كله لم يكن في حسابهم، وقيل: كان المسلمون يهدمون بيوتهم ليسمع لهم المقاتل وهم يخربون في داخل، وقيل: كان المسلمون يخربون ما يليهم وهم يخربون من دواخلها { فاعتبروا } بهذا ليعلموا كيف فتح الله عليهم تلك الحصون.