{يأيها الذين آمنوا اتقوا الله} أي اتقوا عذابه، بأداء الواجبات واجتناب المعاصي {ولتنظر نفس ما قدمت لغدٍ} ليوم القيامة {واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون} فيجازيكم به وكرر الأمر بالتقوى تأكيداً {ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم} قيل: تركوا ذكر الله فأنساهم بأن خذلهم حتى صاروا كالمنسي {أولئك هم الفاسقون} {لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة} أي لا يستوي حالهما وأحدهما في النار والجحيم والثاني النعيم {أصحاب الجنة هم الفائزون} الظافرون بطلبته.
فصل: هذه الآيات روى أنس بن مالك عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): "من قرأ آخر سورة الحشر غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر" وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): "من قرأ آخر سورة الحشر في ليل أو في نهار فقبض في ذلك اليوم فقد وجبت له الجنة، ومن قرأ آخر سورة الحشر {لو أنزلنا} إلى آخر السورة فمات في ليله مات شهيداً" ، وعن أبي هريرة: "سألت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن اسم الله الأعظم فقال: عليك بآخر سورة الحشر فأكثر قراءتها فأكثرت عليه وأعاد علي، فأعدت عليه فأعاد علي" ، ثم بيّن تعالى عظم حال القرآن وقسوة القلوب فقال سبحانه وتعالى: {لو أنزلنا هذا القرآن على جبل} مع شدته وقسوته {لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله} قيل: معناه لو أحيينا الجبل وركبنا فيه العقل {لرأيته خاشعاً}، وقيل: لو كان الجبل ينصدع من هذا القرآن لعظم ذلك، قال في الحاكم: وهو الوجه {وتلك الأمثال نضربها للناس لعلّهم يتفكرون} في ذلك فيتعظون به تدل الآية على عظم حال القرآن وموقعه في الدين ووجوب الخشوع عند قراءته والعمل بما فيه والتفكر فيه والاتعاظ بمواعظه {هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة} قيل: ما شاهد العبد وما لم يشاهد وما لا ينبغي عليه الحس كالمعدومات وما يرى من الموجودات والشهادة ما تقع عليه الحواس، وقيل: ما غاب عن علم الخلق وما علموه، وقيل: السر والعلانية {هو الرحمن} المنعم على كل حي {الرحيم} على المؤمنين بالثواب {هو الله الذي} تحق له العبادة {الذي لا إله إلاَّ هو} ولا تحق العبادة لغيره {الملك} المالك لجميع الأشياء، وقيل: القادر على اختراع الأجسام والأعراض {القدوس} الطاهر من كل ما لا يليق المنزه عن الشرك والولد والفحشاء، وقيل: تسبيح الملائكة سبوح قدوس رب الملائكة والروح {السلام} قيل: الذي يسلم عباده، وقيل: المسلم من جميع الآفات، وقيل: الذي من عنده ترجى السلامة {المؤمن} قيل: المصدق لرسله بالمعجزات، وقيل: يصدق المؤمنين ما وعدهم من الثواب والكافرين ما وعدهم من العذاب، وقيل: الذي أمن الناس من ظلمه {المهيمن} الرقيب على كل شيء الحافظ له {العزيز} القادر الذي لا يرام ولا يمتنع عليه شيء، وقيل: العظيم، وقيل: الباهر {الجبار} قيل: العظيم، وقيل: العالي الذي لا تناله يد أحد، وقيل: الذي يجبر خلقه على ما يريد ويصرفهم كيف شاء {المتكبر} البليغ الكبرياء والعظمة، وقيل: المتكبر عن ظلم عباده {سبحان الله عما يشركون} أي تنزيهاً له عن إضافة الشريك والفحشاء إليه {هو الله الخالق} المحدث للأشياء {البارئ} المخترع للأجسام والأعراض {المصور} الذي يصور الخلق على ما يريد {له الأسماء الحسنى} أسماؤه على ضربين وكل ذلك معنى مفيد لأن الألقاب يجوز عليها فمنها ما يفيد صفته في ذاته كقوله: قادر عالم وحي وقديم وسميع ونحوها، وكل ذلك يقتضي تعظيماً والثاني يفيد صفة ترجع إلى فعله كخالق رازق حكيم ونحوه.