التفاسير

< >
عرض

وَقَالُوۤاْ إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ
٢٩
وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُواْ عَلَىٰ رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَـٰذَا بِٱلْحَقِّ قَالُواْ بَلَىٰ وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُواْ ٱلعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ
٣٠
قَدْ خَسِرَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَآءِ ٱللَّهِ حَتَّىٰ إِذَا جَآءَتْهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُواْ يٰحَسْرَتَنَا عَلَىٰ مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَىٰ ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَآءَ مَا يَزِرُونَ
٣١
وَمَا ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَآ إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ ٱلآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ
٣٢
قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ ٱلَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَـٰكِنَّ ٱلظَّٰلِمِينَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ يَجْحَدُونَ
٣٣
وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَىٰ مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّىٰ أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ ٱللَّهِ وَلَقدْ جَآءَكَ مِن نَّبَإِ ٱلْمُرْسَلِينَ
٣٤
-الأنعام

تفسير الأعقم

{ ولو ترى } يا محمد { إذ وقفوا } مجاز عن الحسن للتوبيخ، كما يوقف العبد الجاني بين يدي سيده ليعاقبه، وقيل: وقفوا على جزاء ربهم، وقيل: عرفوا حق التعريف { قال أليس هذا بالحق } وهذا تعييراً من الله لهم على الكذب، بقولهم لما كانوا يسمعون من البعث والجزاء: ما هو بحق وما هو إلا باطل { قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون } بلقاء الله تعالى، قوله تعالى: { قد خسر } قد غبن وهلك { الذين كذبوا بلقاء الله } يعني بالبعث بعد الموت { حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة } يعني فجأة { قالوا يا حسرتنا على ما فرَّطنا فيها } يعني على ما فرطنا في الدنيا من طاعة الله، ومنه ما فرطت في جنب الله { وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم } آثامهم وأثقالهم كقوله تعالى: { { فبما كسبت أيديكم } [الشورى: 30] والأوزار عبارة عن جملة الذنوب { ألا ساء ما يزرون } بئس شيئاً يزرون وزرهم كقوله تعالى: { ساء مثلاً القوم }، وقيل: المؤمن إذا خرج من قبره جاءه عمله فيركب ظهر الكافر، والوزر الثقيل من الإِثم، وجمعه أوزار، ومنه حتى تضع الحرب أوزارها أي أثقالها، قوله تعالى: { وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو } يعني أن أعمال الدنيا لعب ولهو واشتغال بما لا يغني ولا ينفع كما ينفع أعمال الآخرة المنافع العظيمة { وللدار الآخرة خير للذين يتقون } دليل على أن ما سوى أعمال المنافقين لعب ولهو { قد نعلم أنه ليحزنك } بفتح الياء وضمها و{ الذي يقولون } هو قولهم هو ساحر كذاب { فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون } يعني أن تكذيبك أمر راجع الى الله تعالى لأنك رسوله المصدق بالمعجزات فهم لا يكذبونك في الحقيقة وإنما يكذبون الله تعالى بجحود آياته، وقيل: لا يكذبونك بقولهم ولكنهم يجحدون بألسنتهم، وقيل: لأنهم لا يكذبونك لأنك عندهم الصادق ولكنهم كانوا يجحدون بآيات الله تعالى، وعن ابن عباس: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يسمى الأمين فعرفوا أنه لا يكذب في شيء ولكنهم كانوا يجحدون، وكان أبو جهل يقول: ما نكذبك ولكن نكذب بما جئتنا به، وقيل: نزلت الآية في أبي جهل حين قال له الأخنس: يا أبا الحكم أخبرني عن محمد أصادق هو أم كاذب فإنه ليس عندنا أحدٌ غيرنا؟ فقال: والله ان محمداً لصادق وما كذب قط، ولكن إذا ذهب بنو قصي باللواء والسقاية والحجابة والنبوة، فماذا يكون لسائر قريش؟ فنزلت، وقيل: نزلت في الحرث بن عباس بن نوفل بن عبد مناف وكان يكذب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في العلانية فإذا خلى بأهله قال: ما محمد بأهل للكذب، ويقول للنبي: إنك لصادق وانا لا نتبعك خوفاً من العرب، وقيل: نزلت في المشركين، وقيل: في أهل الكتاب، قوله تعالى: { ولقد كذبت رسل من قبلك } الآية تسلية لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) { فصبروا على ما كذبوا وأوذوا } يعني صبروا على تكذيبهم وإيذائهم { ولا مبدل لكلمات الله } يعني لمواعيده { ولقد جاءك من نبإِ المرسلين } يعني بعض أنبائهم وقصصهم وما كابدوا من مصابرة المشركين.