التفاسير

< >
عرض

لَن تَنفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
٣
قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِيۤ إِبْرَاهِيمَ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُواْ لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَءآؤُاْ مِّنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ ٱلْعَدَاوَةُ وَٱلْبَغْضَآءُ أَبَداً حَتَّىٰ تُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ وَحْدَهُ إِلاَّ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَآ أَمْلِكُ لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ ٱلْمَصِيرُ
٤
رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ وَٱغْفِرْ لَنَا رَبَّنَآ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ
٥
لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو ٱللَّهَ وَٱلْيَوْمَ ٱلآخِرَ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَنِيُّ ٱلْحَمِيدُ
٦
عَسَى ٱللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ ٱلَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً وَٱللَّهُ قَدِيرٌ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
٧
-الممتحنة

تفسير الأعقم

{ لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم } يعني إن واليتم أعداء الله لأجل الرحم أو لأجل الأولاد فذلك لن ينفعكم { يوم القيامة يفصل بينكم } قيل: يفرق بينكم فيدخل المطيعين الجنة والعاصين في النار، وقيل: يفصل بينكم من فصل القضاء، ثم بيَّن قصة ابراهيم مع أبيه فقال سبحانه: { قد كانت لكم أسوة حسنة } أي قدوة حسنة { في إبراهيم والذين معه } واتبعوه إذ قالوا لقومهم: { انا برءآؤا منكم ومما تعبدون من دون الله } يعني الأوثان لا تعبدوها ولا تواصلوها { كفرنا بكم } أي جحدنا دينكم وأنكرنا معبودكم { وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده } أي ظهرت العداوة بيننا إلا أن تؤمنوا فتسقط العداوة { إلاَّ قول ابراهيم لأبيه لأستغفرنَّ لك } قيل: معنى الاستثناء قد كان لكم أسوة حسنة في إبراهيم في كل أموره إلا في قول ابراهيم { لأستغفرن لك وما أملك لك من الله من شيء } فنهوا أن يقتدوا به في هذه خاصة، وقيل: نهوا أن يستغفروا لآبائهم للمشركين، وبيّن قصة إبراهيم وقيل: كان آزر أبو إبراهيم ويريد أنه مسلم فاستغفر له فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه، وقيل: قوله: { لأستغفرن لك } هو قوله: { الا عن موعدة وعدها إياه } يعني وعد إبراهيم أباه أن يستغفر له { وما أملك لك من الله من شيء } أي لا أقدر على رفع العذاب { ربنا عليك توكلنا } في أمور ديننا ودنيانا، والتوكل تفويض الأمر إليه { وإليك أنبنا } أي رجعنا إليك بالطاعة والعبادة { وإليك المصير } أي إلى حكمك المرجع { ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا } بإظهارهم علينا ليروا أنهم على دين، وقيل: ألطف بنا حتى نصبر على آذائهم { واغفر لنا } ما سلف من ذنوبنا { إنك أنت العزيز الحكيم } الذي لا تفعل إلا بحكمة { لقد كان لكم } أيها المسلمون { فيهم } أي في إبراهيم والأنبياء والمؤمنين على ما تقدم { أسوة } قدوة { حسنة } من حيث يوجب الثواب، وقيل: لأنها موعظة في نهاية الصلاح، ومتى قيل: لم كرر ذلك؟ قلنا: في الأول أمر بالاقتداء به في البراءة من الكفار وفي الثاني أمر بالاقتداء به في التوكل عليه فلم يكن تكراراً، وقيل: تأكيداً لقطع المعتاد من موالاة الأقارب، وقيل: أمراً بعد أمر في وقتين { لمن كان يرجو الله واليوم الآخر } أي يرجو ثوابه ورحمته { ومن يتول } أي يعرض عن طاعة الله { فإن الله هو الغني الحميد } لا يحتاج إلى شيء الحميد المنعم على من يطيعه ويعصيه، وقيل: المحمود في أفعاله { عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة } لما نزلت الآية المتقدمة عادى المؤمنون أقاربهم وأظهروا العداوة فأنزل الله { عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم } من الكفار كفار مكة بأن يسلموا فيصيروا أولياء وأخوانا لكم، وعسى من الله وأحب، يعني يحصل بينكم المودة أيها المؤمنون وبين الذين عاديتم منهم مودة بالاسلام، وكان ذلك حين أسلم كثير منهم، وقيل: صار بينه وبينهم وصلة فتزوج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بأم حبيبة وصاروا موالي بأن تلطف حتى تظهر المودة { والله غفور رحيم }.