التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلاَدِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ فَٱحْذَرُوهُمْ وَإِن تَعْفُواْ وَتَصْفَحُواْ وَتَغْفِرُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
١٤
إِنَّمَآ أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَٱللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ
١٥
فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱسْتَطَعْتُمْ وَٱسْمَعُواْ وَأَطِيعُواْ وَأَنْفِقُواْ خَيْراً لأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ
١٦
إِن تُقْرِضُواْ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَٱللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ
١٧
عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ
١٨
-التغابن

تفسير الأعقم

{ يأيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدواً لكم } الآية نزلت في قوم أرادوا الهجرة فثبطهم أزواجهم وأولادهم، وقيل: كانوا كفاراً وأظهروا العداوة، وقيل: كان الرجل إذا أسلم يريد أن يهاجر مع أهله وولده فمنهم من يحب ومنهم لا يحب ففي ذلك نزلت، وقيل: من للتبعيض لأن بعضهم بهذه الصفة { فاحذروهم } الضمير للعدو والأزواج والأولاد جميعاً، أي لما علمتم أن هؤلاء لا يخلون من عذر فتكونوا منهم على حذر ولا تأمنوا غوائلهم وشرهم { وإن تعفوا } عنهم إذا اطلعتم منهم على عداوة أولم تقابلوهم بمثلها فإن الله يغفر لكم ذنوبكم، وروي أن أزواجهم وأولادهم قالوا لهم: أين تذهبون وتدعون بلدكم وعشيرتكم وأموالكم؟ فغضبوا عليهم وقالوا: لئن جمعنا الله في دار الهجرة لن نصيبكم بخير، فلما هاجروا منعوهم الخير، فحبوا أن يعفوا عنهم ويردوا البر والصلة، وقيل: كان عوف بن مالك الأشجعي ذا أهل وولد فإذا أراد أن يغزو تعلقوا به وبكوا إليه فكأنه همّ باذائهم فنزلت الآية { إنما أموالكم وأولادكم فتنة } بلاء ومحنة لأنهم توقعون في الإِثم والعقوبة ولا بلاء أعظم منها ألا ترى إلى قوله: { والله عنده أجر عظيم } ولأن المرء يبتلى بحبهم، وقيل: عداوتهم أنهم يتمنون موتهم فيرثون ماله وذلك أنهم يحملوهم على كسب الحرام ومن كثر عياله قلّ نظره في أمر عاقبته، وفي الحديث: "يؤتى بالرجل يوم القيامة فيقال:أكل عياله حسناته" وعن بعض السلف: العيال سوس الطاعات، "وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يخطب، فجاء الحسن والحسين (عليهما السلام) وعليهما قميصان أحمران يعثران ويقومان، فنزل اليهما فأخذهما ووضعهما في حجره فقال: صدق الله { إنما أموالكم وأولادكم فتنة }" { فاتقوا الله ما استطعتم } جهدكم ووسعكم { واسمعوا } ما توعظون { وانفقوا } في الوجوه التي وجبت عليكم { ومن يوق شح نفسه } أي من يصرف عن نفسه البخل { فأولئك هم المفلحون } الظافرون { إن تقرضوا الله قرضاً حسناً } وهذا توسع من حيث جعل الصدقة بأمر الله وضمانه الجزاء عليها، والحسن أن يعطيها مخلصاً لله تعالى { يضاعفه لكم } أي يعطيكم بدله أضعاف ذلك من واحد إلى عشرة إلى سبع مائة إلى ما يشاء { والله شكور } يوسع، وقيل: يقبل القليل ويثيب عليه بالكثير { حليم } لا يعجل على من عصاه { عالم الغيب والشهادة العزيز الحكيم }.