التفاسير

< >
عرض

وَمَآ أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِٱلْبَأْسَآءِ وَٱلضَّرَّآءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ
٩٤
ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ ٱلسَّيِّئَةِ ٱلْحَسَنَةَ حَتَّىٰ عَفَوْاْ وَّقَالُواْ قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا ٱلضَّرَّآءُ وَٱلسَّرَّآءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ
٩٥
وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ ٱلْقُرَىٰ ءَامَنُواْ وَٱتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَٰتٍ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ وَلَـٰكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَٰهُمْ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ
٩٦
أَفَأَمِنَ أَهْلُ ٱلْقُرَىٰ أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَٰتاً وَهُمْ نَآئِمُونَ
٩٧
أَوَ أَمِنَ أَهْلُ ٱلْقُرَىٰ أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ
٩٨
أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ ٱللَّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْخَاسِرُونَ
٩٩
أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ ٱلأَرْضَ مِن بَعْدِ أَهْلِهَآ أَن لَّوْ نَشَآءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ
١٠٠
تِلْكَ ٱلْقُرَىٰ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَآئِهَا وَلَقَدْ جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَٰتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ كَذَٰلِكَ يَطْبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِ ٱلْكَٰفِرِينَ
١٠١
وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ وَإِن وَجَدْنَآ أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ
١٠٢
-الأعراف

تفسير الأعقم

{ وما أرسلنا في قرية من نبي } فيه اضمار واختصار يعني فكذبوه { إلا أخذنا أهلها } حين لم يؤمنوا { بالبأساء } يعني البؤس والشدة وضيق العيش والفقر { والضراء } الضرّاء والمرض لاستكبارهم عن اتباع نبيهم { لعلهم يضرّعون } يتذللون ويحطّون رداء الكبر { ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة } أي أعطيناهم بدل ما كانوا فيه من البلاء والمحنة الرخاء والسعة والصحة { حتى عفوا } كثروا وسمنوا ونموا في أنفسهم وأموالهم { وقالوا قد مس آباءنا الضراء والسراء } وقالوا هذه عادة الدهر تعاقب في الناس من الضراء والسراء وقد مسّ آباءنا نحو ذلك. { فأخذناهم بغتة } أي فجأة أمن ما كانوا { وهم لا يشعرون } نزول العذاب { ولو أن أهل القرى } يعني أهل تلك القرى الذين كذبوا { آمنوا واتقوا } المعاصي { لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض } يعني لآتيناهم الخير من كل وجه، وقيل: من السماء المطر، ومن الأرض النبات والخصب، ورفعنا عنهم القحط { ولكن كذبوا فأخذناهم } بالعقوبة { بما كانوا يكسبون } من المعاصي والأعمال الخبيثة { أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا } عذابنا { بياتاً } ليلاً { وهم نائمون } غافلون عن ذلك { أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحىً } عند ارتفاع النهار { وهم يلعبون } ساهون لاهون أراد ألاَّ يأمنوا الليل والنهار، قوله تعالى: { أفأمنوا مكر الله } عذابه وأخذه من حيث لا يشعرون { فلا يأمن مكر الله إلاَّ القوم الخاسرون } من خسر في الدنيا دينه وفي الآخرة وجب له العذاب { أو لم يهد للذين يرثون الأرض } يعني للذين يخلفون من خلا من قبلهم في ديارهم ويرثونهم أرضهم { أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم } كما أصبنا من قبلهم وأهلكنا الوارثين كما أهلكنا الموروثين { ونطبع } نختم { على قلوبهم فهم لا يسمعون } الهدى ولا يقبلون الموعظة { تلك القرى } يعني التي أهلكنا وقد تقدم ذكرها { نقص عليك } أي نتلو عليك { من أنبائها } أخبارها ليعتبروا بأحوالهم ولا يغتروا كاغترارهم { ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات } بالحجج المزيلة للأشكال القاطعة للعذر { فما كانوا ليؤمنوا } فيه تسلية للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعظة للخلق، قال الثعلبي: فما كانوا ليؤمنوا لو أحييناهم بعد هلاكهم كقوله تعالى: { { ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه } [الأنعام: 28] وقيل: معناه أن كل نبي أنذر قومه بالعذاب { فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل }، أوائلهم من الأمم الخالية بل كذبوا كما كذب أولهم { كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين }، قيل: هي السمة والعلامة التي تحصل في قلوبهم علامة الكفر { وما وجدنا لأكثرهم } أي أكثر من تقدم ذكرهم، وقيل: هو على الاطلاق أي ما وجدنا لأكثر الناس { من عهد } بل أكثرهم نقض عهد الله وميثاقه { وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين } خارجين عن الطاعة والعهد وهو ما أمر الله به وأوصى به الأنبياء ألاَّ تعبدوا إلاَّ الله ولا تشركوا به شيئاً.