{ واصبر على ما يقولون } هم الكفار، قيل: اصبر على أذائهم فيما يقولون { واهجرهم هجراً جميلاً } أي اعرض عنهم اعراضاً جميلاً، وقيل: اصبر على ما نالك من جهتهم مع الإِبلاغ، وقيل: نسخت هذه الآية بآية القتال { وذرني والمكذبين أولي النعمة } الآية نزلت في صناديد قريش، وقيل: نزلت في المطعمين يوم بدر { ومهلهم } مدة قليلة، وقيل: إلى يوم بدر، وقيل: إلى عذاب الآخرة { إن لدينا } إن عندنا { أنكالاً } قيل: قيوداً، وقيل: أغلالاً { وجحيماً } { وطعاماً ذا غصة } أي ذا شوك يأخذ في الحلق فلا يدخل ولا يخرج وقيل: هو الغسلين { وعذاباً أليماً } وهو سائر أنواع العذاب { يوم ترجف الأرض والجبال وكانت الجبال كثيباً مهيلاً } أي رملاً سهلاً سائلاً { إنا أرسلنا اليكم رسولاً } يعني محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم) { شاهداً عليكم } قيل: يشهد عليكم في الآخرة بما يكون منكم في الدنيا { كما أرسلنا إلى فرعون رسولاً } يعني موسى (عليه السلام) { فعصى فرعون الرسول فأخذناه أخذاً وبيلاً } قيل. شديداً ثقيلاً { فكيف تتقون إن كفرتم } قيل: كيف تتقون ذلك العذاب يوم القيامة إن كفرتم بالدنيا، ثم وصف ذلك اليوم فقال سبحانه: { يوماً يجعل الولدان شيباً } مثل في الشدة، يقال في اليوم الشديد يوم تشيب له نواصي الأطفال، وقد روي أن رجلاً أمسى فاحم الشعر كالغراب فاصبح وهو أبيض الرأس قال: رأيت القيامة والجنة والنار، ورأيت الناس يقادون في السلاسل إلى النار فمن هول ذلك اليوم أصبحت ويجوز أن يوصف اليوم بالطول وان الأطفال يبلغون فيه أوان السحر { السماء منفطر به } وصف اليوم بالشدة وأن السماء على عظمها تنفطر فيه فما ظنك بغيرها من الخلائق { كان وعده مفعولاً } أي كائن لا خلف فيه ولا تبديل { إن هذه } الآيات الناطقة بالوعيد الشديد { تذكرة } موعظة { فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلاً } أي التقرب والتوسل إليه بالطاعة { إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل } أقرب وأقل من ثلثي الليل { ونصفه وثلثه } وهذه المقادير لا بدَّ أن تكون في ليالي مختلفة لاستحالة اجتماعها في ليلة واحدة { وطائفة } أي جماعة { من الذين معك والله يقدر الليل والنهار } قيل: يعرف حقيقة أوقاتها ومقاديرها على التفصيل فأما غيره فيعرف الجملة وربما يظن { علم أن لن تحصوه } أي لا تطيقون أحصاءه على الحقيقة ولا تعلمون إذا قمتم كم مضى وكم بقي حتى تحصوا ثلثه ونصفه { فتاب عليكم } قيل: جعله تطوعاً ولم يجعله فرضاً، وقيل: نسخ عنكم { فأقرأوا ما تيسر من القرآن } قيل: في الصلاة عند أكثر المفسرين، وهذا ناسخ للأول ثم نسخا جميعاً بالصلاة الخمس، وقيل: هي قراءة القرآن بعينها، وقيل: من قرأ مائة آية في ليلة لم يحاجه القرآن، وقيل: من قرأ مائة آية كتب من القانتين { علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله } والآية تدل على إباحة التجارة والتكسب، وقيل: سوّى الله عزّ وجل بين المجاهدين والمسافرين لكسب الحلال، وعن عبد الله بن مسعود: أيما رجل جلب شيئاً إلى مدينة من مدائن المسلمين صابراً محتسباً فباعه بسعر يومه كان عند الله من الشهداء، وعن عبد الله بن عمر: ما خلق الله مزية أمر بها بعد القتل في سبيل الله أحب إليَّ من أن أموت بين شعبتي رجل أضرب في الأرض أبتغي من فضل الله { وآخرون يقاتلون في سبيل الله } يعني المجاهدين { فاقرأوا ما تيسر منه } في الصلاة { وأقيموا الصلاة } المكتوبات { وآتوا الزكاة } { وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيراً وأعظم أجراً } أي جزاء { واستغفروا الله } أي اطلبوا مغفرته بالتوبة { إن الله } من عادته يستر الذنوب { رحيم } يرحم عباده، ويدل قوله: { فاقرأوا ما تيسر من القرآن } على أشياء منها أنه يجوز الصلاة بما شاء من القرآن بغير الفاتحة على ما يقوله أهل العراق خلاف ما يقوله العترة (عليهم السلام).