التفاسير

< >
عرض

فَإِذَا نُقِرَ فِي ٱلنَّاقُورِ
٨
فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ
٩
عَلَى ٱلْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ
١٠
ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً
١١
وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَّمْدُوداً
١٢
وَبَنِينَ شُهُوداً
١٣
وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيداً
١٤
ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ
١٥
كَلاَّ إِنَّهُ كان لآيَاتِنَا عَنِيداً
١٦
سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً
١٧
إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ
١٨
فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ
١٩
ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ
٢٠
ثُمَّ نَظَرَ
٢١
ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ
٢٢
ثُمَّ أَدْبَرَ وَٱسْتَكْبَرَ
٢٣
فَقَالَ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ
٢٤
إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ قَوْلُ ٱلْبَشَرِ
٢٥
سَأُصْلِيهِ سَقَرَ
٢٦
وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ
٢٧
لاَ تُبْقِي وَلاَ تَذَرُ
٢٨
لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ
٢٩
عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ
٣٠
وَمَا جَعَلْنَآ أَصْحَٰبَ ٱلنَّارِ إِلاَّ مَلَٰئِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ لِيَسْتَيْقِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ وَيَزْدَادَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوۤاْ إِيمَٰناً وَلاَ يَرْتَابَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَٱلْكَٰفِرُونَ مَاذَآ أَرَادَ ٱللَّهُ بِهَـٰذَا مَثَلاً كَذَلِكَ يُضِلُّ ٱللَّهُ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ وَمَا هِيَ إِلاَّ ذِكْرَىٰ لِلْبَشَرِ
٣١
-المدثر

تفسير الأعقم

{ فإذا نقر في الناقور } أي نفخ في الصور، وقيل: هي النفخة الثانية { فذلك يومئذ يوم عسير } { على الكافرين غير يسير } أي غير هين { ذرني ومن خلقت وحيداً } الآية نزلت في الوليد بن المغيرة أي أكيّف بي له مكافياً فدعني ومن خلقت، وهذا وعيد، ويحتمل أن يكون من صفة المخلوق، أي خلقته في بطن أمه وحيداً لا شيء له ولا معه مال ولا ولد { وجعلت له مالاً ممدوداً } قيل: كثيراً، وقيل: مدّ بالنماء كالزرع والضرع والتجارة، وقيل: كان له بستان بالطائف لا تنقطع ثماره شتاء ولا صيفاً، وقيل: كان له ألف مثقال، وقيل: أربعة، وقيل: تسعة، وقيل: ألف ألف { وبنين شهوداً } حضوراً بمكة لا يفارق قومه كانوا عشرة بنين، وقيل: ثلاثة عشر، وقيل: سبعة وكلهم رجال { ومهّدت له تمهيداً } أي بسط له أحوال الدنيا { ثم يطمع أن أزيد } { كلا } أي لا يكون كما ظن، وقيل: كان الوليد بعد نزول هذه الآيات في نقصان من ماله وولده { إنه كان لآياتنا عنيداً } جحوداً { سأرهقه صعوداً } قيل: سأكلفه من العذاب، وقيل: صعودا جبل من نار يُكلف الوليد صعوده ونزوله { إنه فكّر } ماذا يقول في القرآن { وقدّر } في نفسه، وروي أن الوليد قال لبني مخزوم: والله لقد سمعت من محمد كلاماً ما هو من كلام الإِنس ولا من كلام الجن، وأن له لحلاوة وأن عليه لطلاوة، وأن أعلاه لمثمر، وأن أسفله لمغدق، وأنه يعلو ولا يعلى، فقالت قريش: صبأ والله الوليد، والله لتصبأن قريش كلهم، فأتاه أبو جهل وقعد بجنبه حزيناً فقال له الوليد: ما لي أراك حزيناً؟ فقال: أن قريشاً يجمعون له نفقة ويزعمون أنك تدخل على ابن أبي كبشة لتنال من فضله وأتى قومه وقال: أتزعمون أن محمداً مجنون؟ قالوا: لا، فقال: فكاهن؟ قالوا: لا، فقال: فكذاب؟ قالوا: لا، قال: فشاعر؟ قالوا: لا، قال: ففكر في نفسه ساعة وقال: هو ساحر يفرق بين الرجل وأهله وما يقوله سحر، فنزلت الآيات { فقتل } لعن، وقيل: استحق العذاب { ثم قتل كيف قدّر } لعن وعوقب كيف قدر في إبطال الحق { ثم نظر } إلى النبي منكر النبوة، وقيل: إلى أي شيء يجيب قومه { ثم عبس وبسر } أي كلح وقطب فقال: { إن هذا إلاَّ سحر يؤثر } يروى ويحكى ويرويه محمد { إن هذا إلاَّ قول البشر } ولم يعلموا أنه لو كان قول البشر لقدر هو وغيره مع فصاحتهم على أمثاله { سأصليه سقر } أي سأدخله النار { وما أدراك } أيها السامع { ما سقر } { لا تبقي ولا تذر } قيل: هو نهاية الوصف بالإِحراق { لوّاحة للبشر } مغير للجلود وقال مجاهد: تلفح الجلد لفحة فتدعه أشد سواداً من الليل، وقيل: محرقة للجلود قيل: لما نزل قوله تعالى: { عليها تسعة عشر } قال أبو جهل لقريش: ثكلتكم أمهاتكم ان ابن أبي كبشة يخبركم أن خزنة النار تسعة عشر وأنتم الدهم؟ أيعجز عشرة منكم أن يبطش بواحد من خزنة جهنم؟ فقال أبو الأسود: أنا أكفيكم سبعة عشر وأكفوا في اثنين، فأنزل الله تعالى: { وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة }، وقوله: { عليها تسعة عشر } صنفاً، وقيل: نقباء ولهم أعوان، وقيل: تسعة عشر جنساً ولهم أعوان { وما جعلنا عدتهم إلاَّ فتنة للذين كفروا } ليعلموا أنه قادر على تقويتهم وأنهم يقومون مقام العدد الكثير { ليستيقن الذين أوتوا الكتاب } من اليهود والنصارى أنه الحق لموافقة خبرهم لما في كتبهم، وقيل: في التوراة والإِنجيل تسعة عشر { ويزداد الذين آمنوا إيماناً } قيل: ليظهروا إيمانهم بهذا أيضاً، وقيل: أنه يخبرهم بما لا يعلمه إلا الله فيعلموا أنه معجز وأنه كلام الله سبحانه { ولا يرتاب } لا يشك { الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون } في أنه الحق { وليقول الذين في قلوبهم مرض } نفاق { والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلاً } يعني هذا العدد وما يعني يزدادوا شكاً كما يزداد الذين آمنوا إيماناً { كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء } قيل: يضل عن طريق الجنة والثواب من يشاء ويهدي اليه من يشاء، وقيل: يحكم بضلال من يشاء على حسب ما يوجد منهم { وما يعلم جنود ربك إلاَّ هو } أي لا يعلم جنسهم وعددهم إلا هو، قيل: هو من كثرهم { وما هي } قيل: الموصوفة بهذه الصفات، وقيل: هي سقر وقد تقدم ذكرها، وقيل: الآيات والمواعظ { إلا ذكرى للبشر } أي عظة يذكرون.