التفاسير

< >
عرض

وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَّنثُوراً
١٩
وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً
٢٠
عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوۤاْ أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً
٢١
إِنَّ هَـٰذَا كَانَ لَكُمْ جَزَآءً وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُوراً
٢٢
إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ تَنزِيلاً
٢٣
فَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ ءَاثِماً أَوْ كَفُوراً
٢٤
وَٱذْكُرِ ٱسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً
٢٥
وَمِنَ ٱللَّيْلِ فَٱسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً
٢٦
إِنَّ هَـٰؤُلاَءِ يُحِبُّونَ ٱلْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَآءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً
٢٧
نَّحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَآ أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَآ أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلاً
٢٨
إِنَّ هَـٰذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلاً
٢٩
وَمَا تَشَآءُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً
٣٠
يُدْخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحْمَتِهِ وَٱلظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً
٣١
-الإنسان

تفسير الأعقم

{ ويطوف عليهم ولدان مخلدون } أي يدورون عليهم بالخدمة، وقيل: لما يحتاجون إليه من الطعام والشراب { مخلدون } أي باقون دائمون لا يموتون، وقيل: مقرطون { إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤاً منثوراً } قيل: كاللؤلؤ المنثور في حسنه، وقيل: اللؤلؤ في الصفاء وحسن المنظر، ومعنى منثوراً أي متفرقون في الخدمة ليتم لهم النعمة { وإذا رأيت } ثم قيل: الخطاب للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقيل: لكل مكلف تقديره إذا رأيت أيها الانسان أو أيها السامع، وروي أن أسوداً قال: يا رسول الله إذا دخلت الجنة أترى عيني ما ترى عينك؟ قال: "نعم" فما زال يبكي حتى مات، يعني إذا رأيت الجنة { رأيت نعيماً وملكاً كبيراً } قيل: هو الملك الدائم الأبدي، وقيل: الكثير، ان أدناهم منزلة من ينظر في ملكه من مسيرة ألف سنة يرى أقصاه كما يرى أدناه { عاليهم ثياب سندس } أي على أهل الجنة ثياب فاخرة سندس { خضر واستبرق } قيل: ديباج من ألوان مختلفة رقيق وغليظ { وحلوا أساور من فضة } قيل: يحلون تارة بالذهب وتارة بالفضة لجمع المحاسن، وقيل: يجمعهما الله { وسقاهم ربّهم شراباً طهوراً } يعني طاهراً لا يخالطه النحس، يعني خلق لهم ذلك وأعطاهم، وقيل: سقاهم الملائكة { إن هذا كان لكم جزاء } على أعمالهم { وكان سعيكم مشكوراً } أي مقبولاً مرضيّاً { إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلاً } آية بعد آية، وقيل: تنزيلاً مصدر ذكره تأكيداً { فاصبر لحكم ربك } بمعنى انتظر حكم الله فيك وفيهم، وقيل: أن تبلغ الكتاب { ولا تطع منهم آثماً أو كفوراً } قيل: آثماً ولا كفوراً، وقيل: الاثم أبو جهل والكفور الوليد بن المغيرة، وقيل: هو عام { واذكر اسم ربك بكرة وأصيلاً } قيل: صباحاً ومساءاً، وقيل: دائماً، وقيل: أراد به الصلاة بكرة أول النهار وأصيلاً آخره { ومن الليل فاسجد له } العشي والمغرب، وقيل: أراد التطوع { وسبّحه ليلاً طويلاً } من الليل ثلثه أو نصفه، قال الهادي في تفسيره: والطويل الذي أمر الله به فهو من حين يدخل في الصلاة إلى أن يفرغ منها { إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم } قيل: خلف ظهورهم العمل للآخرة، وقيل: وراءهم أمامهم والأول أظهر، وقوله: { يوماً } يوم القيامة { ثقيلاً } على أهل العذاب { نحن خلقناهم وشددنا أسرهم } قيل: خلقهم، وقيل: الأسر المفاصل، وقيل: أوصالهم بعضها إلى بعض { وإذا شئنا بدّلنا أمثالهم تبديلاً } لو أردنا ذلك فعلنا { إن هذه } قيل: الرسالة، وقيل: السورة، وقيل: الجنة وما وصف من أحوالها { تذكرة } أي عظة تذكرونها { فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلاً } أي أزحنا العلة بالقدرة والأدلة، وقيل: طريقاً إلى رضائه { وما تشاؤون إلاَّ أن يشاء الله } قيل: لا تسألون الطاعة والانقياد إلى مرضاة الله إلا وقد شاء الله من قبل حين أمر به فأوعد عليه ونهى عن تركه، وقيل: لا تشاؤون ذلك اختياري إلا أن يشاء الله أن يخبركم عليه ويضطركم إليه فحينئذ تشاؤون ولكن لا ينفعكم ذلك { إن الله كان عليماً حكيماً } يعني عليماً بالمصالح حكيماً فيما كلفه { يدخل من يشاء في رحمته } وهم المؤمنون { والظالمين أعد لهم عذاباً أليماً } أي وجيعاً.