التفاسير

< >
عرض

هَلْ أَتَىٰ عَلَى ٱلإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ ٱلدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً
١
إِنَّا خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً
٢
إِنَّا هَدَيْنَاهُ ٱلسَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً
٣
إِنَّآ أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاَسِلاَ وَأَغْلاَلاً وَسَعِيراً
٤
إِنَّ ٱلأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً
٥
عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ ٱللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً
٦
-الإنسان

تفسير الأعقم

{ هل } بمعنى بل، وقيل: هو استفهام والمراد التقرير { لم يكن شيئاً مذكورا } وكل أحد يعلم ضرورة أنه لم يكن موجوداً ثم صار موجوداً، فإذا تفكّر فيه علم أن له صانعاً صنعه ومحدثاً أوجده { الانسان } قيل: هو آدم أول من سمي به، وقيل: هو كل إنسان، والمراد به الجنس، وقوله: { حين من الدهر } قيل: أتى عليه أوقات وهو مصور إنساناً قيل: هو آدم أتى عليه أربعون سنة مُلقى بين مكة والطائف قبل أن ينفخ فيه الروح، وقيل: هو عام في جميع الخلق فإنه قبل الولادة لا يكون مذكوراً إلى وقت الولادة { لم يكن شيئاً مذكوراً } أي لم يذكر ولا يعرف، وقيل: أراد به العلماء والأئمَّة لأنهم كانوا لا يذكرون فبلغهم الله تعالى وصيّرهم بألطافه حيث يذكروا، وعن ابن مسعود: عندما قرأها قال: ألا يا ليت ذلك لم يكن { أمشاج نبتليه } قيل: ماء الرجل وماء المرأة، وقيل: أخلاط ماء الرجل وماء المرأة يختلطان في الرحم فيكون منهما الولد، وماء الرجل أبيض غليظ وماء المرأة أصفر رقيق، وقيل: أمشاج أطواراً ثم نطفة ثم علقة ثم مضغة قال:

يا خالق الخلق طورا بعد أطواري

{ نبتليه } أي نتعبده بالأمر والنهي { فجعلناه سميعاً بصيراً } يعني خلقناه { إنا هديناه السبيل } بيَّنا له الطريق بنصب الأدلة { إما شاكراً وإما كفوراً } إشارة إلى أن العبد مخيّر بين الإِيمان والكفر { إنا اعتدنا للكافرين سلاسلاً } قيل: كل سلسلة سبعون ذراعاً { وأغلالاً } في أعناقهم { وسعيراً } ناراً { إن الأبرار } يعني المطيعين لله { يشربون من كأس } فيه شراب { كان مزاجها كافوراً } قيل: تمزج بالكافور وتختم بالمسك { عيناً يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا } يقودونها حيث شاؤوا.