{ألم نخلقكم من ماء مهين} كما فعلنا بأولئك نفعل بالعصاة {ويل يومئذ للمكذبين} السالكين سبيلهم في التكذيب، وقيل: {كذلك نفعل} بهؤلاء يوم بدر {فجعلناه في قرار مكين} أي مكان يقر فيه ويثبت {إلى قدر معلوم} قيل: إلى وقت معلوم وهو وقت الولادة، والقرار المكين أرحام الأمهات {فقدرنا} التقدير معناه قدرنا خلقه ذكراً أو أنثى طويلاً أو قصيراً، وقيل: قدرنا أحوال النطفة من تقلبة من حال إلى حال حتى يصير حياً {فنعم القادرون} لذلك، ومن قرأ بالتخفيف قدرنا على جميع ذلك وهي رواية عاصم {ويل يومئذ للمكذبين} {ألم نجعل الأرض كفاتاً} قيل: ذات كفت أي ضم وجمع والأرض كافتة، وقيل: كافتة للخلق {أحياء وأمواتاً} {وجعلنا فيها رواسي} في الأرض رواسي جبال ثوابت {شامخات} عاليات {وأسقيناكم ماء فراتاً} عذباً {ويل يومئذ للمكذبين} وعن ابن عباس: أموال الأنهار أربعة: جيحان وفيه دجلة، وسيحان نهر بلخ، وفرات الكوفة، ونيل مصر {ويل يومئذ للمكذبين} هذه النعم {انطلقوا} أي يقال لهم انطلقوا اذهبوا قبل هذه {انطلقوا إلى ظل} دخان جهنم ينقسم {ثلاث شعب} شعبة عن يمينه وشعبة عن يساره وشعبة أمامه، وقيل: هو الترادف {لا ظليل} يرد {ولا يغني من اللهب} ولا ينفع منه {إنها} يعني جهنم {ترمي بشررٍ} أي من شدة غليانها وهو ما يطاير من النار {كالقصر} جمع القصور التي هي البنيان {كأنه جمالات صفر} شبهت بالقصور ثم بالجمال جمع جمالات ما جمع من الجمال، والصفر جمع أصفر، وقد يسمَّى الأسود من الابل أصفر لأنه يشرب بسواده بشيء من صفرته {ويل يومئذ للمكذبين} {هذا يوم لا ينطقون} بشيء ينفعهم، وقيل: يختم على أفواههم {ولا يؤذن لهم فيعتذرون} قيل: لا يسمع لهم عذر حتى يعتذروا، وقيل: أي عذر لمن أعرض من خالقه {ويل يومئذ للمكذبين} بهذا الخبر {هذا يوم الفصل} أي الحكم والقضاء بين الخلق {جمعناكم والأولين} يعني كفار هذه الأمة تحشر مع كفار الأمم قبلهم {فإن كان لكم كيدٌ فكيدون} أي ان كان لكم حيلة فتخلصون بها من العقاب فاحتالوا {ويلٌ يومئذ للمكذبين} بيوم الفصل {إن المتقين} الذين يجتنبون الكبائر {في ظلال} الجنة، وقيل: ظلال الأشجار والقصور {وعيون} أنهار جارية {وفواكه مما يشتهون} ويقال لهم على وجه الإِكرام: {كلوا واشربوا هنيئاً بما كنتم تعملون} القائلون ذلك الملائكة {إنا كذلك نجزي المحسنين} {ويل يومئذ للمكذبين} بهذا الوعد، ثم عاد إلى المكذبين فقال سبحانه: {كلوا} أي يقال لهم {كلوا وتمتعوا} في الدنيا فإنه لا ينفعكم ولا يغني عنكم من العذاب شيء، وهذا وعيد لهم {قليلاً} قيل: مدة قليلة فإن المؤمن كائن لا محالة {إنكم مجرمون} قيل: مشركون، وقيل: مذنبون، وقيل: من كانت همته بطنه وفرجه فهو خاسر محروم {ويل يومئذ للمكذبين} بهذا الوعيد {وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون} قيل: يقال لهم اركعوا في الدنيا إذا أمروا بالصلاة، وقيل: في الآخرة {ويل يومئذ للمكذبين} {فبأي حديث بعده يؤمنون} أي بأي حديث بعد القرآن يؤمنون.