التفاسير

< >
عرض

أُوْلۤـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ
٤
كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِٱلْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ
٥
يُجَادِلُونَكَ فِي ٱلْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى ٱلْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ
٦
-الأنفال

تفسير الأعقم

{ أولئك هم المؤمنون حقاً } يعني يقيناً وتصديقاً { لهم درجات عند ربهم } يعني درجات الجنة يرزقونها بأعمالهم { ومغفرة } من ربهم لذنوبهم { ورزق كريم } أي حسن عظيم وهو الجنة { كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقاً من المؤمنين لكارهون } وذلك "أن عير قريش أقبلت من الشام فيها تجارة عظيمة ومعها أربعون راكباً منهم أبو سفيان وعمرو بن العاص وعمرو بن هشام، فأخبر جبريل (عليه السلام) رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أصحابه، فأعجبهم تلقي العير لكثرة الخير وقلّة القوم فلما خرجوا بلغ أهل مكة خروجهم فنادى أبو جهل فقال: النجاء النجاء فوق الكعبة أموالكم إن أصابها محمد لن تفلحوا بعدها أبداً، وقد رأت أخت العباس بن عبد المطلب رؤيا، فخرج أبو جهل بجميع أهل مكة فمضى بهم إلى بدر، وكانت العرب تجتمع فيها لسوقهم يوماً في السنة، ونزل جبريل (عليه السلام) فقال: يا محمد إن الله وعدك إحدى الطائفتين إما العير وإما قريشاً، فاستشار النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أصحابه وقال: ما تقولون إن القوم قد خرجوا من مكة على كل صعب وذلول فالعير أحب إليكم أم النفير؟ قالوا بل العير أحب إلينا من لقاء العدوّ، فتغير وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم رد عليهم وقال: إن العير قد مضت على ساحل البحر وهذا أبو جهل قد أقبل فقالوا: يا رسول الله عليك بالعير وذر العدوّ، فغضب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقام إليه رجال من الصحابة، ثم قام اليه سعد بن عبادة، ثم قام المقداد بن عمرو وقال: يا رسول الله امضِ لما أمرك الله فأنا معك حيث أحببت، ولا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى بن عمران: { اذهب أنت وربك فقاتلا إنَّا ها هنا قاعدون } ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا انا معكما مقاتلون ما دامت عين منَّا تطرف، فضحك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال: سيروا على بركة الله وابشروا ان الله قد وعدني إحدى الطائفتين والله لكأني أرى مصارع القوم، وروي أن سعد بن معاذ قال: امضِ يا رسول الله لما أردت فوالذي بعثك بالحق نبياً لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك، وما تخلف منا رجل واحدٌ، وانا لصبر عند اللقاء والحروب، ولعل الله تعالى يريك منَّا ما تقرّ به عينك، ففرح بذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال: سيروا على بركة الله وابشروا" { يجادلونك في الحق } يعني في القتال وذلك أن المؤمنين لما أيقنوا بالشوكة والحرب يوم بدر كرهوا ذلك، فقالوا: يا رسول الله لم تعلمنا بلقاء العدو حتى نستعد لقتالهم وإنما خرجنا للعير؟ فذلك الحق الذي جادلوا فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بلقاء النفير لأنه كان غرضهم العير { بعدما تبين } يعني باعلام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بأنهم ينصرون وجدالهم قولهم ما كان خروجنا إلاَّ للعير { كأنما يساقون إلى الموت } تشبيه لما كان منهم من مجادلة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وروي أنه ما كان فيهم إلاَّ فرسان.