قال: "نجم رمى به وهو من آيات الله"، فعجب أبو طالب فأنزل الله: {والسماء والطارق} قسم برب السماء وقيل: بالسماء {وما أدراك ما الطارق} ففسر ذلك فقال سبحانه: {النجم الثاقب} أي هو النجم الثاقب مثل المضيء كأنه يثقب الظلام بضوئه، وقيل: الثاقب الذي يرمي الشيطان، وقيل: العالي على النجوم وهو زحل، وطروق النجوم ظهورها بالليل وخفاؤها بالنهار {إن كل نفس لمَّا عليها حافظ} هذا جواب القسم حافظ من الملائكة يحفظون عمله ورزقه وأجله، وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): "وكل بالمؤمن مائة وستون ملكاً يذبون عنه كما يذب عن قصعة العسل الذباب ولو وكل العبد الى نفسه طرفة عين لاختطفته الشياطين" {فلينظر الإِنسان ممّ خلق} أي الذين ينكرون البعث لينظروا في أنفسهم كيف خلقهم وماذا خلقهم {خلق من ماء دافق} أي مدفوق مصبوب بالرحم {يخرج من بين الصلب والترائب} قيل: يخرج من الرجل من الصلب ومن المرأة من الترائب والله يخلق الولد منهما، وقيل: الترائب موضع القلادة، وقيل: بين ثدي المرأة، وقيل: عنى به اليدين والرجلين والعينين {إنه على رجعه لقادر} يعني هذا الذي خلقه ابتداء من هذا الماء يقدر على رجعه حيّاً بعد الموت، وقيل: رد الماء في الصلب {يوم تبلى السرائر} يعني يوم القيامة تبلى تكشف الأسرار فيظهر ما كان يخفيه {فما له من قوةٍ ولا ناصر} ينصره فيدفع عنه العذاب {والسماء} قيل: قسم بنفس السماء، وقيل: برب السماء {ذات الرجع} قيل: ذات المطر والذي يرجع به حالاً بعد حال، وقيل: شمسها وقمرها ونجومها تغيب ثم تطلع {والأرض ذات الصدع} أي تصدع بالنبات {إنه لقول فصل} هذا جواب القسم ومعناه أن الاحياء بعد الموت والوعد بالبعث قول فصل، وقيل: أنه يعني القرآن وما فيه من الوعد والوعيد والأحكام قول حق وهو الوحي {وما هو بالهزل} أي أنه جدّ ليس بلعب، والهزل نقيض الجدّ ويصيره اللهو واللعب هزل يهزل هزلاً {إنهم} يعني الكفار {يكيدون كيداً} أي يحتالون في الايقاع بك وبمن معك ويريدون إطفاء نورك {وأكيد كيداً} أي أريد أمراً آخر على ضد ما يريدون أو أريد ما ينقص تدابيرهم وهو الدفع عنك وإتمام أمرك وإظهار دينك {فمهّل الكافرين أملهم رويداً} فمهّل الكفارين أي انظرهم ولا تعاجلهم وارضَ بتدبير الله فيهم رويداً، أي امهالاً قليلاً لأن ما هو كائن قريب، قيل: أراد يوم بدر، وقيل: يوم القيامة.