التفاسير

< >
عرض

وَإِن نَّكَثُوۤاْ أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوۤاْ أَئِمَّةَ ٱلْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ
١٢
أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْماً نَّكَثُوۤاْ أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ ٱلرَّسُولِ وَهُم بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُمْ مُّؤُمِنِينَ
١٣
قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ ٱللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ
١٤
وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ ٱللَّهُ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
١٥
أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُواْ وَلَمَّا يَعْلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
١٦
مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَٰجِدَ ٱللهِ شَٰهِدِينَ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَٰلُهُمْ وَفِي ٱلنَّارِ هُمْ خَٰلِدُونَ
١٧
-التوبة

تفسير الأعقم

{ ألا تقاتلون قوماً نكثوا ايمانهم } الآية نزلت في مشركي قريش وقيل: في اليهود نكثوا عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكفروا، يعني نكثوا ايمانهم التي حلفوها في المعاهدة { وهمُّوا بإخراج الرسول } من مكة حين تشاوروا في أمره بدار الندوة حتى أذن الله له بالهجرة { وهم بدأوكم أول مرة } أي وهم الذين كان منهم البدأة بالمقاتلة لأن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جاءهم بالكتاب المبين وتحداهم به فعدلوا عن المعارضة لعجزهم عنها إلى القتال، فهم المبتدؤن بالقتال فما يمنعكم من أن تقاتلوهم وأن تصدموهم بالشر كما صدموكم؟ { قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم } قتلاً { ويخزهم } أسراً { وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين } نزلت في خزاعة، وقال ابن عباس: بطون من اليمن قدموا مكة فأسلموا، فلقوا من أهلها أذى شديداً، فبعثوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يشكون إليه فقال: "أبشروا فإن الفرج قريب" { ويتوب الله على من يشاءُ }، قال جار الله: ابتداء كلام وإخبار بأن من أهل مكة من يتوب عن كفره، فكان ذلك فقد أسلم ناس منهم وحسن إسلامهم { أم حسبتم أن تتركوا } والمعنى أنكم لا تتركون على ما أنتم عليه حتى يتبين المخلص منكم، وهم الذين جاهدوا في سبيل الله والخطاب للمؤمنين لما شق على بعضهم القتال فأنزل الله تعالى: { أم حسبتم } الآية يعني ظننتم أنكم تتركون عن الجهاد فلا يعرض عليكم القتال { ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم } والمخلصين الذين { لم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة }، قال جار الله: الوليجة فعيلة من ولج كالدخيلة من دخل يعني بطانة من الذين يضادّون رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والمؤمنين { ما كان للمشركين } أي ما صحَّ لهم وما استقام { أن يعمروا مساجد الله } يعني المسجد الحرام لقوله: { وعمارة المسجد الحرام } وأما قراءته بالجمع ففيها وجهان: احدهما أن يريد المسجد الحرام، وقيل: مساجد لأنه قبلة المساجد كلها فعامره كعامر جميع المساجد، والثاني أن يريد حسن المساجد { شاهدين على أنفسهم بالكفر } وظهور كفرهم أنهم نصبوا أصنامهم حول البيت وكانوا يطوفون عراة، ويقولون: لا نطوف عليها بثياب قد أصبنا فيها المعاصي، وكلما طافوا شوطاً سجدوا، والآية نزلت في العباس بن عبد المطلب، وقيل: في العباس وفي طلحة بن شيبة صاحب الكعبة أسرى يوم بدر، وعيّر بالشرك وقطيعة الرحم فقال العباس: لعلكم تذكرون مساوئنا ولا تذكرون محاسننا، فقالوا: وهل لكم محاسن؟ فقالوا: نعم، إنَّا لنعمر المسجد الحرام ونحجب الكعبة ونسقي الحاج ونفك العاني، فأنزل الله تعالى هذه الآية: { أولئك حبطت أعمالهم } التي هي الحجابة والعمارة والسقاية.