التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَىٰ
٦
وَوَجَدَكَ ضَآلاًّ فَهَدَىٰ
٧
وَوَجَدَكَ عَآئِلاً فَأَغْنَىٰ
٨
فَأَمَّا ٱلْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ
٩
وَأَمَّا ٱلسَّآئِلَ فَلاَ تَنْهَرْ
١٠
وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ
١١
-الضحى

تفسير الأعقم

{ ألم يجدك يتيماً فآوى } أي مات أبواه وهو صبي ولم يخلفا مالاً ولا مأوى فأواه الله حتى جيء به إلى أبي طالب كان أحب اليه من أولاده وربّاه، وقيل: مات أبوه وهو في بطن أمه، وقيل: بعد الولادة بمدة، وقيل: ماتت وهو صغير، ومات عبد المطلب وكان يتولى تربيته وهو ابن ثمان سنين فسلمه إلى أبي طالب، فمتى قيل: ما السبب بيتمه؟ قيل: لئلا يكون عليه حق للمخلوق عن جعفر بن محمد { ووجدك ضالاً فهدى } قيل: ضالاً عما أنت عليه من الوحي والنبوة ومعالم الشريعة والأحكام فهداك إلى ذلك، وهذا لا يكن معصية لأن الله تعالى لم يكن أتاه ذلك، ونظيره: { { ما كنت تدري ما الكتاب } [الشورى: 52] وقيل: ضالاً في شعاب مكة فردّه أبو جهل إلى جدّه فمنّ الله عليه حتى ردَّه إلى جده على يد عدوه، وقيل: بعث به جده عبد المطلب في طلب إبل فاحتبس عنه وهو صبي فدعا الله وطاف بالبيت فجاء مع الابل وقال: يا بني حزنت عليك حزناً لا تفارقني أبداً، وقيل: لما أرضعته حليمة بنت أبي ذؤيب وأرادت ردّه على جدّه جاءت به حتى قربت من مكة فضلّ في الطريق فطلبته وجزعت عليه وقالت: إن لم أره لأرمين بنفسي من شاهق، وجعلت تصيح وصاح الناس بصيحتها، قالت: فدخلت مكة على تلك الحال فأتيت شيخاً متكئاً على عصاه فسألني حالي فأخبرته، قال: لا تبكي أدلك على من يردّه عليك هبل الصنم الأعظم، ودخل البيت وطاف بهبل وقبل رأسه وقال: يا سيداه ردّ محمداً على هذه السعديَّة، قالت: فتساقطت الأصنام لما تفوّه بإسم محمد وسمع صوتاً يقول إنما هلاكنا على يدي محمد، فخرج وأسنانه تصطك، وخرجت إلى عبد المطلب وأخبرته فطاف بالبيت ودعا فهدي بمكانه، فذهب عبد المطلب وجاء به.... في حديث طويل { ووجدك عائلاً فأغنى } أي فقيراً فأغناك قيل: بمال خديجة، وقيل: بالغنائم، وقيل: بالقناعة، وبالعلم، وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "من لم يغنه القرآن فلا أغناه الله ومن لم يستشف بالقرآن فلا شفاه الله" { فأمَّا اليتيم فلا تقهر } حتى تذهب ماله، يعني لا تغلبه على ماله وحقه لضعفه، وعن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: "كافل اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة" وأشار إلى السبابة والوسطى، وعنه: "إذا بكى اليتيم اهتز العرش" { وأمَّا السائل فلا تنهر } أي من سألك شيئاً من مالك أعطه الشيء أو ردّه بالجميل، وقال: أراد بالسائل طالب العلم وأمره بالاحسان { وأمَّا بنعمة ربك فحدِّث } قيل: بنعمة ربك في الدين والدنيا فاشكره وحدث به، وقيل: حدث نفسك في كل وقت فاشكره شكراً متجدداً.