التفاسير

< >
عرض

إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ ٱلْقَدْرِ
١
وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ
٢
لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ
٣
تَنَزَّلُ ٱلْمَلاَئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ
٤
سَلاَمٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ ٱلْفَجْرِ
٥
-القدر

تفسير الأعقم

{ إنَّا أنزلناه } السورة يعني القرآن { في ليلة القدر } فيه أقوال: أولها أنزلنا القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا في ليلة القدر ثم أنزل على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نجوماً، وقيل: كان أنزل في كل سنة في ليلة القدر إلى سماء الدنيا ما يُريد إنزاله في كل سنة ثم كذلك في كل سنة عن أبي علي { وما أدراك ما ليلة القدر } تفخيماً وتعظيماً، والكلام فيه يقع من وجوه: أولها لم سميت ليلة القدر؟ قيل: هي ليلة الحكم وتقدير الاستثناء في كل سنة { من كل أمر } من قولهم: قدر الله الشيء قدراً وقدره تقديراً، يعني قالوا: وهي الليلة المباركة { { فيها يفرق كل أمر حكيم } [الدخان: 4] وسميت مباركة لانه تعالى ينزل فيها الخير والبركة، وقيل: ليلة القدر ليلة الشرف وعظم الشأن من قولهم: رجل له قدر عند الناس أي منزلة، وقيل: لأن أعمال المؤمنين فيها يكون ذا قدر، وقيل: لأنه أنزل فيها كتاباً ذا قدر الى رسول ذا قدر، وثانيها أي وقت يكون؟ ذهب جمهور العلماء أنها ثابتة إلى يوم القيامة، "وعن ابي ذر قال: قلت: يا رسول الله ليلة القدر تكون على عهد الأنبياء؟ قال: لا بل هي الى يوم القيامة" وقال بعضهم: بل هي في السنة كلها، وقيل: هي في شهر رمضان وعليه الأكثر والمروي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو قول جماعة العلماء، ثم في أي ليلة؟ قيل: أول ليلة، وقيل: ليلة تسع عشرة وهي التي كانت وقعة بدر صبحها، وقيل: هي في العشر الأواخر، والمروي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): "التمسوها في العشر الأواخر" ثم اختلفوا قيل: ليلة الحادي والعشرين، وقيل: ليلةَ الثالث أو ليلة الرابع، وقيل: ليلة الخامس أو التاسعة أو السابعة، وقيل: هي ليلة السابع والعشرون، وعن علي (عليه السلام) وأُبي بن كعب وابن عباس (عليهما السلام) وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: "ليلة القدر ليلة سبع وعشرين" وعنه انه قال: "من كان متحرياً فليتحراها ليلة سبع وعشرين" وقيل: كان ملك سليمان خمسمائة شهر، وملك ذي القرنين خمسمائة شهر، فمن أحيى ليلة القدر فهو خير من ملك سليمان وملك ذي القرنين، وقيل: { ليلة القدر خير من ألف شهر } ملك بني أميَّة وكان ملكهم ألفَ شهر، وعن الحسن بن علي (عليهما السلام) وقيل: ليلة لهذه الأمة خير من ألف شهر للأمم الماضية { تنزّل الملائكة } الى السماء، وقيل: الى الأرض باذن الله في تلك الليلة لفضلها، وقيل: يسمعون النبأ على الله وقراءة القرآن، وقيل: ينزلون الى سماء الدنيا بما قدر الله لأهل الأرض لتقف عليه ملائكة السماء { والروح } وعليه أكثر المفسرين، وقيل: خلق لا تراهم الملائكة إلا تلك الليلة، وقيل: ملك عظيم، وقيل: القرآن { فيها } أي في ليلة القدر { بإذن ربهم } ينزلون من السماء { من كل أمر } سلام قدره الله وقضاه الى تلك الليلة الى قابل، وقوله: { سلام هي } ما هي إلا سلامة، أي لا يقدّر الله فيها إلا السلامة والخير ويقضي في غيرها بلاء وسلام، وقيل: ينزل الملائكة بكل أمر قدره الله تعالى من السلامة والخير، وقيل: جرت العادة بانزال الملائكة باهلاك القرى فقال تعالى: "ينزلون بكل أمر سلام" أي سلامة الناس فيها، وقيل: هي تسليم الملائكة على أهل المساجد في هذه الليلة من حين تغِيب الشمس الى ان { مطلع الفجر } وقد تم الكلام عند قوله: { من كل أمر } ثم ابتدأ فقال: { سلام } أي ليلة القدر سلامة وخير كلها، وقيل: هي سلامة لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها شيئاً، وقيل: هي اشارة إلى السلامة والرحمة.