التفاسير

< >
عرض

ذَلِكَ مِنْ أَنْبَآءِ ٱلْقُرَىٰ نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَآئِمٌ وَحَصِيدٌ
١٠٠
وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـٰكِن ظَلَمُوۤاْ أَنفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ ٱلَّتِي يَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ لَّمَّا جَآءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ
١٠١
وَكَذٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ ٱلْقُرَىٰ وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ
١٠٢
إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ ٱلآخِرَةِ ذٰلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ ٱلنَّاسُ وَذَٰلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ
١٠٣
وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلاَّ لأَجَلٍ مَّعْدُودٍ
١٠٤
يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ
١٠٥
-هود

تفسير كتاب الله العزيز

قوله: { ذَلِكَ مِنْ أَنبَاءِ القُرَى } أي: من أخبار القرى، أي: الأمم السالفة. { نَقُصُّهُ عَلَيْكَ } يا محمد؛ يعني ما قص من أخبارهم إلى هذا الموضع { مِنْهَا قَائِمٌ } أي: تراه، وقد هلك أهله { وَ } منها { حَصِيدٌ } لا تراه. وقال بعضهم: منها قائم ترى مكانه، وحصيد لا ترى له أثراً.
قوله: { وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ } وهو كقوله:
{ وَلَكِن كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ } [الزخرف:76]أي: لأنفسهم، وكقوله: { إِنَّ اللهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } [يونس:44].
قوله: { فَمَا أغْنَتْ عَنْهُمْ ءَالِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ مِن شَيْءٍ }. يعني الأوثان التي كانوا يعبدونها. { لَّمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ } يعني العذاب. { وَمَا زَادُوهُمْ } أي تلك الأوثان في عبادتهم { غَيْرَ تَتْبِيبٍ } أي: غير تخسير. وقال الحسن: غير تدمير.
قوله: { وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ } أي: هكذا أخذ ربك { إِذَا أَخَذَ القُرَى } يعني أهلها، أي: الكفار. { وَهِيَ ظَالِمَةٌ } أي: وهي مشركة، يعني أهلها { إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ }.
قوله: { إِنَّ فِي ذَلِكَ } أي: فيما قصصت من أخبار الأمم السالفة، ومن إهلاكي القرى الظالمة { لأَيَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ الأَخِرَةِ }.
قوله: { ذَلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ } أي: يوم القيامة يجتمع فيه الخلق. { وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ } أي: يشهده أهل السماوات وأهل الأرض. قال: { وَمَا نُؤَخِّرُهُ } أي: ذلك اليوم، يوم القيامة { إِلاَّ لأَجَلٍ مَّعْدُودٍ } أي: عند الله.
قوله: { يَوْمَ يَأْتِ } أي: يوم القيامة { لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ } وهو كقوله: { يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ } أي: روح كل جسد
{ وَالْمَلاَئِكَةُ صَفّاً لاَّ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً } [النبأ:38]أي: في الدنيا. وقوله: { صَوَاباً } أي: لا إله إلا الله.
ذكروا عن حذيفة بن اليمان أنه قال: يجمع الله الخلائق يوم القيامة في صعيد واحد حفاة عراة، يسمعهم الداعي، وينفذهم البصر، قال: فأول ما يدعى محمد صلى الله عليه وسلم فيقول: لبّيك وسعديك، والخير في يديك، والشر ليس إليك. المهديّ من هديت، عبدك بين يديك، وبك وإليك، لا منجى ولا ملجأ إلا إليك. تباركت ربنا وتعاليت، وعلىعرشك استويت، سبحانك رب البيت، ثم يقال له: اشفع؛ فذلك المقام المحمود الذي وعده الله.
قوله: { فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ } ذكروا عن عبد الله بن مسعود أنه كان يقول: الشقي من شقي في بطن أمه، والسعيد من سعد في بطنه أمه.
ذكروا عن عبد الله بن مسعود أنه قال: حدثنا الصادق المصدّق قال:
"إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون أربعين يوماً علقة، ثم يكون أربعين يوماً مضغة، ثم يبعث الملك فيؤمر أن يكتب رزقه وعمله وأجله وأثره وشقي أو سعيد. والذي لا إله غيره إن العبد ليعمل بعمل أهل الجنة حتى لا يكون بينه وبين الجنة إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار حتى يدخلها. وإن العبد ليعمل بعمل أهل النار حتى لا يكون بينه وبين النار إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة حتى يدخلها" .