التفاسير

< >
عرض

فَقَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَراً مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ ٱتَّبَعَكَ إِلاَّ ٱلَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ ٱلرَّأْيِ وَمَا نَرَىٰ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ
٢٧
قَالَ يٰقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيۤ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ
٢٨
وَيٰقَوْمِ لاۤ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ وَمَآ أَنَاْ بِطَارِدِ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّهُمْ مُّلاَقُواْ رَبِّهِمْ وَلَـٰكِنِّيۤ أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ
٢٩
وَيٰقَوْمِ مَن يَنصُرُنِي مِنَ ٱللَّهِ إِن طَرَدتُّهُمْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ
٣٠
-هود

تفسير كتاب الله العزيز

{ فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَراً مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتِّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا } أي: سفلتنا { بَادِيَ الرَّأْيِ } أي: فيما ظهر لنا { وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ } أي: في الدين { بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ } يعنون نوحاً ومن آمن معه.
{ قَالَ يَا قَوْمِ أَرَءَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي } أي: بيان من ربي { وَءَاتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ } يعني بالرحمة النبوةّ { فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ } أن تبصروها بقلوبكم وتقبلوها. { أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ }. وقد علم الله أنه على بيّنة من ربّه، وهذا استفهام على معرفة.
{ وَيَا قَوْمِ لاَ أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ } أي: على ما أدعوكم إليه من الهدى { مَالاً } فإنما يحملكم على ترك الهدى المالُ الذي أسألكموه. { إِنْ أَجْرِيَ } أي: ثوابي { إِلاَّ عَلَى اللهِ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ ءَامَنُوا إِنَّهُم مُّلاَقُوا رَبِّهِمْ } فيحاسبهم بأعمالهم.
وقد قال الله في آية أخرى:
{ إِنْ حِسَابُهُمْ إِلاَّ عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ } [الشعراء:113]. { وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ }.
{ وَيَا قَوْمِ مَن يَنصُرُنِي مِنَ اللهِ } أي: من عذاب الله، فيمنعني من الله حتى لا يعذبني { إِن طَرَدتُّهُمْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ }.
وقال أهل الحرم من مشركي العرب للنبي صلى الله عليه وسلم: يا محمد، إن أردت أن نجالسك فاطرد عنا فلاناً وفلاناً، فقال الله:
{ وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ } [الأنعام:52] وقال في آية أخرى: { وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ } إلى غيرهم { تُرِيدُ زِينَةَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا } [الكهف:28].