التفاسير

< >
عرض

وَقُلْ إِنِّيۤ أَنَا ٱلنَّذِيرُ ٱلْمُبِينُ
٨٩
كَمَآ أَنْزَلْنَا عَلَى ٱلْمُقْتَسِمِينَ
٩٠
ٱلَّذِينَ جَعَلُواْ ٱلْقُرْآنَ عِضِينَ
٩١
-الحجر

تفسير كتاب الله العزيز

قوله: { وَقُلْ إِنِّيَ أَنَا النَّذِيرُ المُبِينُ } أي: أنذر الناس النار.
قوله: { كَمَا أَنزَلْنَا عَلَى المُقْتَسِمِينَ الَّذِينَ جَعَلُوا القُرْءَانَ عِضِينَ }.
تفسير الحسن: يقول [الله]: إنا أنزلنا عليك القرآن كما أنزلنا على المقتسمين. والمقتسمون أهل الكتابين الذين اقتسموه فجعلوه كتباً بعد إذ كان كتاباً واحداً، فجعلوه كالأعضاء، وحرّفوه عن مواضعه، ثم قالوا: هذا من عند الله. وكتب الله كلها قرآن. وقال في آية أخرى:
{ فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ } [المؤمنون:53]. وهي تقرأ على وجهين: زُبَراً و زُبُراً؛ فمن قرأها زُبَراً فهو يقول: قِطَعاً، ومن قرأها زبُراً فهو يقول: كتباً.
ذكروا عن ابن عباس قال: هم اليهود والنصارى آمنوا ببعض وكفروا ببعض.
وذكر بعضهم قال: هم رهط خمسة من قريش عضهوا كتاب الله، فزعم بعضهم أنه سحر، وزعم بعضهم أنه شعر، وزعم بعضهم أنه كهانة وزعم بعضهم أنه أساطير الأولين، وزعم بعضهم أن محمداً مجنون، وزعم بعضهم أنه كاذب.
قال: أما أحدهم فالأسود بن عبد يغوث، أتى على نبي الله وهو عند البيت، فقال له المَلَك: كيف تجد هذا؟ فقال: بئس عبد الله. قال: قد كفيتكه. ثم أتى عليه الوليد بن المغيرة، فقال له: كيف تجد هذا؟ فقال: بئس عبدالله. قال: كفيتكه، ثم أتى عليه الأسود بن المطلب، فقال المَلَك: كيف تجد هذا؟ قال: بئس عبد الله. قال: كفيتكه. ثم أتى عليه العاص بن وائل، فقال له الملَك: كيف تجد هذا؟ قال: بئس عبد الله. قال: كفيتكه.
فأما الأسود فأتى بغصن من شوك فضرب به على رأسه ووجهه حتى سالت حدقتاه، فكان يقول بعد ذلك: دعا عليّ محمد بدعوة، ودعوت عليه بأخرى، فاستجاب الله له فيّ، واستجاب لي فيه: دعا علي أن أُثكَل وأن أَعمى فكان كذلك. ودعوت عليه أن يصير طريداً شريداً وحيداً مع يهود يثرب وسراق الحج، فكان كذلك. وأما الوليد بن المغيرة فذهب يرتدي فتعلق بردائه سهم لا يدري راميه فأصاب أكحله فمات. وأما العاص بن وائل فوطئ على شوكة فأوتى في ذلك حتى تساقط لحمه عضواً عضواً فمات وهو كذلك. وأما الأسود بن المطلب وعدي بن قيس فلا أدري ما أصابها، وهم المستهزؤون، استهزأوا بكتاب الله وبنبيه.
وقال بعضهم: هم خمسة نفر من قريش اقتسموا القرآن خمسة أجزاء، كل رجل منهم جزءاً نقضاً على محمد ورداً عليه.
وفي تفسير الكلبي: إنهم سبعة عشر رجلاً قسموا على عِقَاب مكة لمن قدم مكة من الناس، يسألونهم عن محمد؛ فقالت طائفة: هو كاهن، إنما قوله كهانة، وقالت طائفة: إنما هو شاعر، وقالت طائفة: إنما هو مجنون يهذي من أم رأسه، وقالت طائفة منهم: إنما هو ساحر فعضهوا القرآن.