التفاسير

< >
عرض

وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ مِن دَآبَّةٍ وَٱلْمَلاۤئِكَةُ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ
٤٩
يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ
٥٠
وَقَالَ ٱللَّهُ لاَ تَتَّخِذُواْ إِلـٰهَيْنِ ٱثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلـٰهٌ وَاحِدٌ فَإيَّايَ فَٱرْهَبُونِ
٥١
وَلَهُ مَا فِي ٱلْسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلَهُ ٱلدِّينُ وَاصِباً أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ تَتَّقُونَ
٥٢
وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ ٱللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ ٱلضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ
٥٣
ثُمَّ إِذَا كَشَفَ ٱلضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْكُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ
٥٤
لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ
٥٥
وَيَجْعَلُونَ لِمَا لاَ يَعْلَمُونَ نَصِيباً مِّمّا رَزَقْنَاهُمْ تَٱللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ
٥٦
وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ ٱلْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَّا يَشْتَهُونَ
٥٧
-النحل

تفسير كتاب الله العزيز

قولِه: { وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ ومَا فِي الأَرْضِ مِن دَابَّةٍ وَالمَلاَئِكَةُ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ } أي: عن عبادة الله. يعني الملائكة. قال بعضهم: [في قوله: { وَالمَلاَئِكَةُ } أي: تسجد ملائكة الأرض] { يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ }.
قوله: { وَقَالَ اللهُ لاَ تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ } أي: لا تعبدوا مع الله إلهاً غيره { إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ } أي: فخافون.
قوله: { وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِباً } أي: دائماً { أَفَغَيْرَ اللهِ تَتَّقُونَ } يعني المشركين. على الاستفهام، أي: قد فعلتم، فعبدتم الأوثان من دونه.
قوله: { وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ ثُمَّ إذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ } أي: المرض وذهاب الأموال والشدائد { فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ } أي: [تصرخون]، أي: تدعونه ولا تدعون الأوثان. وقال مجاهد: { تَجْئَرُونَ } أي: تضّرعون.
قال: { ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنكُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ } يعني بالفريق المشركين. { ليَكْفُرُوا بِمَا ءَاتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا } أي: في الدنيا { فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } وهذا وعيد هوله شديد.
قوله: { وَيَجْعَلُونَ لِمَا لاَ يَعْلَمُونَ نَصِيباً مِّمَّا رَزَقْنَاهُمْ } يعني آلهتهم. أي: يجعلون لما لا يعلمون أنه خلق مع الله شيئاً ولا أمات ولا أحيى ولا رزق معه شيئاً، { نَصِيباً مِّمَّا رَزَقْنَاهُمْ }. يعني قوله:
{ وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيباً فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا } [الأنعام:136]. وقد فسَّرناه قبل هذا الموضع. [وقال بعضهم: هم مشركو العرب جعلوا لأوثانهم وشياطينهم نصيباً مما رزقهم الله].
قال: { تَاللَّهِ } وهو قسم، أقسم الله بنفسه { لَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَفْتَرُونَ } يقوله لهم، لما يقولون إن الأوثان تقربهم إلى الله زلفى، وإن الله أمرهم بعبادتها.
قوله: { وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ البَنَاتِ } كان مشركو العرب يقولون إن الملائكة بنات الله. قال الله { سُبْحَانَهُ } ينزِّه نفسه عما قالوا { وَلَهُم مَّا يَشْتَهُونَ } أي: ويجعلون لأنفسهم ما يشتهون، أي: الغلمان.