التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَاباً فَوْقَ ٱلْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يُفْسِدُونَ
٨٨
وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِّنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَىٰ هَـٰؤُلآءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ
٨٩
إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَٱلإحْسَانِ وَإِيتَآءِ ذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَاءِ وَٱلْمُنْكَرِ وَٱلْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
٩٠
-النحل

تفسير كتاب الله العزيز

قوله: { الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللهِ زِدْنَاهُمْ عَذَاباً فَوْقَ العَذَابِ } بلغنا عن ابن مسعود أنه قال: حيّات وعقارب، لها أنياب مثل النخل الطوال تنهشهم. وقال الحسن: هو كقوله: { فَذُوقُوا فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذَاباً } [النبأ:30] قوله: { بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ } يعني الشرك، وهو أعظم المعاصي.
قوله: { وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِّنْ أَنفُسِهِمْ } يعني نبيّهم. وهو شاهد عليهم { وَجِئْنَا بِكَ } يا محمد { شَهِيداً عَلَى هَؤُلاَءِ } يعني أمته { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ } أي: ما بيّن فيه من الحلال والحرام والكفر والإِيمان والأمر والنهي وكل ما أنزل الله فيه.
ذكروا عن أبي الدرداء قال: أنزل القرآن على ست آيات: آية مُبَشّرة، وآية منذرة وآية فريضة، وآية تأمرك وآية تنهاك، وآية قصص وأخبار. قال: { وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ }.
قوله: { إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي القُرْبَى } أي: حق القرابة. ذكروا عن الحسن قال: حق الرحم ألا تحرمها ولا تهجرها. قال بعضهم: إن لم يكن لك مال تعطيه فامشِ إليه برجلك.
ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"إن الرحم معلقة بالعرش، وليس الواصل بالمكافىء، ولكن الذي إذا انقطعت رحمه وصلها"
قوله: { وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ } أي: عن المعاصي { وَالمُنْكَرِ } أي: الكذب { وَالبَغْيِ } أي: أن يبغي بعضهم على بعض. وكل هذا من المعاصي. { يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } ذكر مجاهد عن ابن عباس قال: لو أن جبلاً بغى على جبل لَدُكَّ الباغي منهما.
ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"ما من ذنب أجدر أن يعجّل لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدّخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم"
بلغنا أنه لما نزلت هذه الآية قال بعض المشركين: إن هذا الرجل، يعنون محمداً، ليأمر بمحاسن الأخلاق.