قوله: { وَءَاتِ ذَا القُرْبَى حَقَّهُ } يعني ما أمر الله به من صلة القرابة. يقال: إن
كان لك مال فصله بمالك، وإن لم يكن لك مال فامشِ إليه برجلك. قال الحسن:
حقُّ الرحم ألا تحرمها ولا تهجرها.
ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ الرّحم معلّقة بالعرش. وليس الواصل
بالمكافىء، ولكن الذي إذا انقطعت رحمه وصلها"
قوله: { وَالمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ } وهما صنفان من أهل الزكاة الواجبة.
وكانت نزلت قبل أن يُسمّى أهل الزكاة.
{ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً } أي: لا تنفق في غير حقّ.
ذكر الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أنفقتم في سبيل الله فلكم، وما أنفقتم
على أنفسكم فلكم، وما أنفقتم على عيالكم فلكم، وما تركتم فللوارث"
ذكروا عن علي قال: ما أنفقت على نفسك فلك، وما أنفقت على عيالك
فلك، وما أنفقت رياء وسمعة فهو للشيطان.
قوله: { إِنَّ المُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ } يعني المشركين ينفقون في
معاصي الله، فهو للشيطان. وما أنفق المؤمن لغير الله لا يقبله الله. وإنما هو
للشيطان. قال: { وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً }.
قوله: { وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا } أي ابتغاء الرزق
{ فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً مَّيْسُوراً }.
ذكروا عن الحسن أن سائلاً قام فقال: يا رسول الله، لقد بتنا البارحة بغير
عَشاء، وما أحسبنا الليلة نرجوه. فقال: "يرزقنا الله وإياك من فضله، اجلس. فجلس. ثم قام آخر فقال: مثل ذلك. فردّ عليه رسول الله مثل ذلك. فأُتِي رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع أواق من ذهب، فقال: أين السائلان؟ فقام الرجلان فأعطى كل واحد منهما أوقية، ولم يسأله أحد، فرجع بأوقيتين، فجعلهما تحت فراشه. فسهر ليلته بين فراشه ومسجده، فقالت أم المؤمنين: يا رسول الله ما أسهرك؟ أوَجَع أم أمر نزل؟ فقال: يا عائشة، أُتِيت بأربع أواق فأمضيت وقيتين وبقيت وقيتان، فخشيت أن يحدث بي حدث ولم أوجّههما" .
قال بعضهم: بلغنا أن قوله: { فَقُلْ لَّهُمْ قَوْلاً مَيْسُوراً } أن يقول لهم: يرزقنا الله
وإياك.
ذكر عن عائشة أنها قالت: لا تقولوا للسائل: بارك الله فيك، فإنه قد يسأل البَرُّ
والفاجرُ، ولكن قولوا: يرزقنا الله وإياك.
قوله: { ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا } يعني انتظار رزق من ربك.
ذكر الحسن قال: كان السائل يسأل فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والله ما أصبح في بيوت آل محمد صاع من طعام، وهي يومئذ تسعة أبيات. ولم يكن به شكوى، ولكن
والله اعتذار منه عليه السلام" .