التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ ٱلْيَتِيمِ إِلاَّ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ ٱلْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً
٣٤
وَأَوْفُوا ٱلْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِٱلقِسْطَاسِ ٱلْمُسْتَقِيمِ ذٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً
٣٥
وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ ٱلسَّمْعَ وَٱلْبَصَرَ وَٱلْفُؤَادَ كُلُّ أُولـٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً
٣٦
وَلاَ تَمْشِ فِي ٱلأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ ٱلأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ ٱلْجِبَالَ طُولاً
٣٧
كُلُّ ذٰلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً
٣٨
-الإسراء

تفسير كتاب الله العزيز

قوله: { وَلاَ تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } والتي هي أحسن أن يوفر عليه ماله { حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ } أي: حتى إذا بلغ أشده دفع إليه ماله إِنْ أُونس منه رشد.
قال بعضهم: لما نزلت هذه الآية اشتدّت عليهم فكانوا لا يخالطونهم في المال ولا في المأكل فجهدهم ذلك فنسختها هذه الآية
{ وَإِن تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ المُفْسِدَ مِنَ المُصْلِحِ } [البقرة:220].
قوله:{ وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ } يعني ما عاهدتم عليه فيما وافق الحق. { إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُواً } أي: مطلوباً، يُسأل عنه أهله الذين أعطوه.
قوله: { وَأَوْفُوا الكَيْلَ إذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالقِسْطَاسِ المُسْتَقِيمِ } والقسطاطس العدل بالرومية { ذَلِكَ خَيْرٌ } أي: إذا وفيتم الكيل وأقمتم الوزن. { وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً } أي: خير ثواباً وخير عاقبة.
قوله: { وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً } أي: لا تقل رأيت ولم ترَ، أو سمعت ولم تسمع فإن الله سائلك عن ذلك كله.
قال الحسن: لا تقف أخاك المسلم من بعده إذا مرّ بك فتقول: إني رأيت هذا فعل كذا وكذا، ورأيت هذا يفعل كذا وكذا، وسمعته يقول كذا وكذا لما لم ترَ ولم تسمع. { كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً }. أي: لا تقل رأيت وسمعت فإن الله سائلك عن ذلك كله. أي: يسأل السمع على حِدَة عما سمع، ويسأل البصر على حِدة عما رأى، ويسأل القلب عما عزم عليه.
قوله: { وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً } أي: على الأرض. و { في } في هذا الموضع بمعنى على. { مَرَحاً } أي: كما يمشي المشركون، فتمرح في الأرض، وهي مثل قوله:
{ ذَلِكُم بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ } [غافر:75] وكقوله: { وَفَرِحُواْ بالْحَيَاةِ الدُّنْيَا } [الرعد:26] يعني المشركين الذين لا يقرون بالآخرة.
قال: { إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ } أي: بقدميك إذا مشيت. { وَلَن تَبْلُغَ الجِبَالَ طُولاً كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِندَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً } في قراءة من قرأها بالرفع، يقول: سيء ذلك الفعل، ومن قرأها بالنصب يقول كل ذلك كان سيئةً توجب عند ربك مكروهاً.