التفاسير

< >
عرض

أَمَّا ٱلسَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي ٱلْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَآءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً
٧٩
وَأَمَّا ٱلْغُلاَمُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَآ أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً
٨٠
فَأَرَدْنَآ أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِّنْهُ زَكَـاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً
٨١
وَأَمَّا ٱلْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلاَمَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي ٱلْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَآ أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِـع عَّلَيْهِ صَبْراً
٨٢
-الكهف

تفسير كتاب الله العزيز

{ أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي البَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا } قال مجاهد: أن أخرقها. { وَكَانَ وَرَاءَهُم } يقول: بين أيديهم { مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً } وفي بعض القراءة: { وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ يَأخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْباً }. قال بعضهم: ولعمري لو عمّ السفن ما انفلتت، ولكن كان يأخذ خيار السفن.
{ وَأَمَّا الغُلاَمُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنَ } قال بعضهم: في بعض القراءة: كان أبواه مؤمنين وكان كافراً.
قوله: { فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً }. ذكر بعضهم قال: في مصحف عبدالله بن مسعود: فخاف بك أن يرهقهما طغياناً وكفراُ. وتأويل فخاف ربك: أي: فكره ربّك؛ وهو مثل قوله تعالى:
{ وَلَكِن كَرِهَ اللهُ انْبِعَاثَهُمْ } [التوبة:46] وتفسير كره: لم يُرد. { فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِّنْهُ زَكَاةً } أي: في التقوى { وَأَقْرَبَ رُحْماً } أي: بِرّاً. وقال الحسن: { وَأَقْرَبَ رُحْماً } أي: أقرب خيراً.
{ وَأَمَّا الجِدَارُ فَكَانَ لِغُلاَمَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي المَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا } قال الحسن: مال، وقال مجاهد: صحف علم.
وقال الكلبي: بلغنا أنه كان لوحاً من ذهب فيه حكمه: ثلاث كلمات فقط: عجباً لمن أيقن بالموت كيف يضحك، وعجباً لمن أيقن بالرزق كيف يتعب، وعجباً لمن أيقن بالدنيا وتقلّبها كيف يطمئن إليها. { وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً }.
{ فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ } لهما { وَمَا فَعَلْتُهُ } أي: وما فعلت ما فعلت { عَنْ أَمْرِي } أي: إنما فعلته عن أمر الله.
{ ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْراً } قال الكلبي: بلغنا أنهم لم يفترقوا حتى بعث الله طائراً، فطار إلى المشرق، ثم طار إلى المغرب، ثم طار نحو السماء، ثم هبط إلى البحر، فتناول من ماء البحر بمنقاره، وهما ينظران، فقال الخضر لموسى: أتعلم ما يقول هذا الطير؟ قال موسى: وما يقول؟ قال: يقول: ورب المشرق، ورب المغرب، ورب السماء السابعة، ورب الأرض السابعة، ما علمك يا خضر وعلم موسى في علم الله إلا قدر هذا الماء الذي تناولته من البحر في البحر.