قوله: { إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ
فِي الْكِتَابِ } قال الكلبي: يعني أهل الكتاب. قال الكلبي: أما البينات فالذي
يكتمون من نعت نبي الله في كتابهم، وأما الهدى فما آتاهم به أنبياؤهم. وقال
بعضهم: كتموا الإِسلام وكتموا محمداً وهم يجدونه مكتوباً عندهم.
قال: { أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّٰعِنُونَ } أي من ملائكة الله
والمؤمنين. وقال بعضهم: دوابّ الأرض؛ والتأويل ما وصفناه أولاً.
قال الحسن: هذا الميثاق أخذه الله على العلماء ألا يكتموا علمهم. ذكروا
عن عطاء أنه قال: من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار.
قوله: { إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا } أمر محمد أنه حق. يعني بهذا
أهل الكتاب { فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ }. فبرحمته جعل لهم
متاباً ومرجعاً.
قوله: { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ وَالمَلاَئِكَةِ
وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ }. يعني بالناس هاهنا المؤمنين. { خاَلِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ
العَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ } أي ولا هم يؤخرون بالعذاب.
قوله: { وَإِلَـٰهُكُمْ إِلَـهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَـنُ الرَّحِيمُ } لا إله غيره ولا معبود سواه.
قوله: { إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ الَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ
الَّتِي تَجْرِي فِي البَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاءٍ فَأَحْيَا بِهِ
الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا } حين لم يكن فيها نبات فأنبتت { وَبَثَّ فِيهَا } أي خلق فيها
{ مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ } والرياح أربعة: الجَنوب والشَّمال والصَّبا
والدَّبور. فالجنوب ـ فيما بلغنا ـ من مطلع الشمس إلى مطلع سهيل، والشمال من
مغرب الشمس إلى بنات نعش، والصبا من بنات نعش إلى مطلع الشمس، والدبور
من مطلع سهيل إلى مغرب الشمس. قال: { وَالسَّحَابِ المُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ
وَالأَرْضِ لأَيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } وهم المؤمنون.