التفاسير

< >
عرض

وَلَكُمْ فِي ٱلْقِصَاصِ حَيَٰوةٌ يٰأُولِي ٱلأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ
١٧٩
كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً ٱلْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَٱلأَقْرَبِينَ بِٱلْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى ٱلْمُتَّقِينَ
١٨٠
-البقرة

تفسير كتاب الله العزيز

قوله: {وَلَكُمْ فِي القِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} أي لكي تتقوا وليتناهى الناس عن القتل؛ يخاف الرجل القصاص؛ وفي ذلك حياة لهم، أي بقاء. تفسير الحياة هاهنا البقاء. يقول: {وَلَكُمْ فِي القِصَاصِ حَيَاةٌ} أي: بقاء. {يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ}، يعني يا ذوي العقول، يعني بذلك المؤمنين. {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}: لكي تتقوا القتل الذي فيه القصاص بينكم.
قوله: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى المُتَّقِينَ}. يعني بالخير المال؛ أي: إن ترك مالاً.
وكان بعضهم يقول: الخير ألف فما فوق ذلك. فأمر الله في هذه الآية أن يوصي لوالديه وأقربيه، ثم نسخ ذلك في سورة النساء بقوله:
{ وَلأَِبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُِمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُِمِّهِ السُّدُسُ } [النساء:11] وجعل لكل ذي ميراث نصيبَه من الميراث وصارت الوصية لمن لا يرث من قريب أو غير قريب.
قال الحسن: نسخ منها الوالدان ومن كانت له قرابة ممن يرث، وصارت الوصية لأقربيه الذين لا يرثون؛ ولم تكن عنده منسوخة. قال [بعضهم]: والعامة من الفقهاء على أنها منسوخة.
ذكروا أن علياً دخل على رجل من قومه يعوده في مرضه، فأراد أن يوصي، فقال له علي: إنما قال الله: {إِن تَرَكَ خَيْراً} وأنت مقلٌّ لا مال لك.
ذكروا عن ابن عمر أنه قال: ما حق امرىء مسلم له شيء يوصي فيه أن يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده.